بقلم د. عبدالله يوسف الزعبي
أبا الزهراء، أيا أحمد الخير والنور وخلاص التائبين، أيا إمام الهدى وعطر الحياة وريحان الوجود، يا فرات الحسنى إذ فاض على جوانب الكون، سيد الأنبياء وعميد الثقلين، لك يا خير الورى تبسم الخلق وأفاق العدم، لك إنسابت نسائم الحق والفجر.
وسط الزحام التائق لأريج الدعوى ومحيا الرسالة، يقف الفؤاد على باب الرحمة المهداة والذهول يجثم على الجنبين، والدمع ينهمر، ينسكب في كأس المحبة ويهيم في خمرة المعروف الذي ضاع في تيه السلطة ومتاهة الملك العضوض، في كل روابيها، وربما هرب إلى منافي الهوى ونزق الأنا والذات. على اعتاب مثوى المزمل تتسمر المقلتين وتستحيل إلى نهر يفيض وجداً وندماً على كل هنيهة دونما شوق إليه. تجثو الروح اليوم على اعتاب المدثر والندى إذ ترجو الهدي والإحسان، تشكو يتمها ووحدتها، ترجو سقيا تسد الظمأ وتبث هم عزلتها البريئة في عتمة البشر، تستميح المقام السامي بالمكارم معذرة وتطلب العفو والغفران، والنبض التائه في فلاة الدنيا والزوال، يبحث عن الخلاص في حضرة البهاء والسناء، يبغي النجاة في حوض الشفاعة والكوثر.
ما بال القلب النازف بالذنب والخطيئة اليوم يرتجف، يجزع القلم ويرتعد المداد، تعجز الحروف العقيمة عن خطاب مسك القبة الخضراء بعد أن شهد القرآن لصاحبها بالنون والخلق العظيم، بعد أن نسجت بقدم الصدق ابلغ القصائد وهامت قوافيها واستبشرت الضاد. ما بال الفرائص ترقص طرباً من هيبة النور ووقار الهيبة والجلال، إذ ينداح الجِنان لهفةً لإبي الزهراء، في المنام والحلم، رؤية في صدى القلب أو رؤيا من طيف الشمس وضياء القمر، لمحة يقظة تعمر العمر بدفء السراج المنير، في ربيع الأول، ربيع الروح الأول والأخير، اليوم وفي كل حين.
عذراً أبا الزهراء، عد إلى أمة قد هامت اليوم في بوادي الغربة والنسيان، قد أزف البلاء في ربوعها وساد الظلام، سقطت راياتها وذبلت سواريها، خبزها حزن وماؤها أسقام. عد أبا الزهراء ليس سواك في الحب يؤاخيها، ليس قبلة سواك تيمم ناحيها ولانور غير نورك يهديها. عد أبا الزهراء وقوض الذل والأصنام، فاللات والعزى عادت ثانية بهيئة سقيمة وهندام، بالسوط والمسبحة تعلو والناس نيام. عذراً أبا الزهراء، فاليأس ألقى ظلاله إذ ساد الفساد في الأرض والنفوس، والأمة شطبت إقرأ من القرآن، وما عاد يخشى اللهَ من عباده العلماء.