مدار الساعة - اتفق خبراء ومختصون ومسؤولون سابقون على خطورة وضع القطاع الصحي العام في ظل استمرار السياسات الحكومية الخاضعة لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين.
واعتبر المشاركون في الملتقى الذي عقدته حملة "صحتنا حق" والذي جاء تحت شعار "القطاع الصحي العام .. واقع وتحديات وحلول" أن الحكومة تصر على تحميل الكادر الطبي المسؤولية الكاملة عن تدهور هذا القطاع في محاولة منها للتهرب من مسؤولياتها.
وقدم وزير الصحة الأسبق الدكتور زيد حمزة مداخلة أكد فيها على أن الخصخصة بدأت بوادرها في القطاع الصحي منذ مدة طويلة، وهناك من يفرض سياسات ضد مصلحة القطاع الصحي العام، وقطاع التعليم، لإفشال القطاعين.
وأكد حمزة على وجوب إستعمال الموارد المتوفرة لحسن سير العملية الصحية، كما يجب تشجيع أطباء "الصحة" للبقاء في خدمة القطاع العام، وبذل كل الجهود للارتقاء بإمكانياتهم وتأهيلهم الدائم، وفتح المجال أمامهم للعمل أحيانا خارج الأطر الوظيفية.
وشدد الدكتور حمزة على أن مستشفى البشير يعتبر إنجاز مهم جدا للمواطنين، وهو جوهرة القطاع الصحي العام، ويجب حمايته من الاستهدافات أو التشكيك.
وفي الكلمة الترحيبية لحملة "صحتنا حق" والتي قدمها الدكتور موسى العزب، لفت إلى أن فاجعة وفاة الطفلة لين، رحمها الله وألهم ذويها الصبر والسلوان، جاءت لتعيد ملف القطاع الصحي العام إلى الواجهة، تماماً كما أثارته حوادث سابقة، مشيرًا إلى أن هذا الملتقى ليس الوقفة الأولى أمام تشخيص المشكلات وقراءة التحديات الاستراتيجية والبنيوية والتمويلية التي يعاني منها القطاع الصحي العام،.
لقد حذرت حملة صحتنا حق، وكثير من الأطراف، مرارا من أن الاستمرار بنفس هذه السياسات ستؤدي إلى انهيار هذا القطاع، وتفاقم معاناة أعداد متزايدة من المواطنين غير المؤمنين صحياً، وتردي جودة الخدمة الصحية المقدمة للفئات المؤمنة صحياً ضمن بنية وزارة الصحة ومستشفياتها ومراكزها.
من جهته لفت الدكتور هاشم أبو حسان نقيب الأطباء الأسبق إلى أن موضوع الصحة متعدد الجوانب، وهناك خلل في مجمل المنظومة الإدارية في البلد بما فيها الصحية، والحل يجب أن يكون شامل واستراتيجي وليس التعامل من خلال المعالجة بالقطعة وردود الفعل.
وأشار أبو حسان إلى أن تردي الأحوال التي نعيشها كانت متوقعة، ولا أحد يستمع للنصائح ووجهات النظر البناءة، مشددًا على وجوب إصلاح النظام التعليمي والإداري.
ولفت الدكتور أبو حسان في مداخلته إلى أنه منذ التوجه إلى الخصخصة وتدخلات صندوق النقد الدولي وإلبنك الدولي، أخذت الأمور في الصحة والتعليم تتراجع
وشدد على أهمية تدريب الكادر الطبي وإكسابه الخبرة الكافية وتشجيعه على الإستقرار في القطاع الصحي العام من خلال الحوافز وتحسين بيئة العمل.، وضرورة رفع ميزانية الصحة، وعدم إخراج الأطباء إلى التقاعد في سن الستين، وإبقاء أصحاب الخبرة والعطاء لسنوات أطول.
كما تحدث عدد من المشاركين من ضمنهم المهندس عزام الصمادي رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة، والدكتور يلدار شفاقوج والدكتور عصام الخواجا والباحث أحمد أبو خليل وآخرون.
واتفق المشاركون على مجموعة من التوصيات تاليًا أهمها:
1 - حمل الحكومة على توفير تأمين صحي شامل وعادل لكافة المواطنين، وإلغاء كافة أشكال التمييز في التأمينات الصحية سواء كان ذلك بين مختلف القطاعات الصحية أو ضمن القطاع الصحي الواحد.
2 - زيادة حصة وزارة الصحة من الموازنة العامة للدولة وما يترتب على ذلك من زيادة امكانية تطوير البنية التحتية والموارد البشرية، والتنويه بدور البرلمان في هذا المجال..
3- التصدي لخصخصة القطاع الصحي العام بكل مظاهرها، وأبرزها إدخال ما يسمى "النظام الخاص" في إدارة المستشفيات التي تهدف إلى شكل جديد في تشغيل وتمويل القطاع الصحي العام يعتمد على بيع وخصخصة الخدمات الصحية للمواطنين بشكل تدريجي.
مع ضرورة إيقاف نهج سد النقص في التخصصات الطبية عبر لجوء وزارة الصحة إلى "شراء الخدمات"، مع ضرورة التوسع في الاستخدام للكوادر الطبية والفنية من خلال التعيين عبر ديوان الخدمة المدنية. والتوسع في نظام الإقامة المدفوعة.
4- التشاركية مع باقي مؤسسات المجتمع المدني المعنية للضغط على الحكومة وحملها على القيام بواجباتها في تقديم الخدمات الصحية بجودة عالية ودون تمييز.
5 - تطوير قدرات وزارة الصحة في بنيتها التحتية وتزويدها بالأجهزة والمعدات المتطورة لأغراض التشخيص والعلاج، وزيادة عدد أسرتها، وبناء وتدريب الكوادر العاملة فيها لسد النقص والحاجة، , والإرتقاء بالمستوى العلمي والمهني، والتعويض عن نزيف وهجرة الكفاءات التي غادرتها بفعل صعوبات بيئة العمل الطاردة وضعف الحوافز التعليمية والمادية
6- تعديل النص الدستوري ليضمن توفير الدولة للرعاية الصحية الشاملة بعدالة ومساواة "كحق للمواطن" من خلال القطاع الصحي العام دون أي شكل من أشكال التمييز، للوصول إلى رعاية صحية وقائية وعلاجية لجميع المواطنين بعدالة ومساواة ودون تمييز كما نصت عليها كافة المواثيق الدولية.