بقلم: براء عليمات
أتجول صباحا بين شوارع الجامعة، يمر أمامي تجمع لطلبة من كافة المحافظات . طالب من اقصى الجنوب ترك قريته البعيدة واستقر في العاصمة حيث جامعته ومستقبله الذي يحب، بينما تكافح فتاة من الشمال في طريقها اليومي ترتاد الجامعة في العاصمة بكثير من الشغف وطموح لا تنال منه وعورة الطريق.
بين أشجار الصنوبر الشامخة والأزقة التي تحمل أسماء من مروا من هنا بأصواتهم العالية وأسرارهم التي خبأتها الجدران . بين المقاعد التي احتضنت أحلام وآمال طلبة السنة الأولى واندفاعهم وسعيهم للمرحلة الجديدة.
ولكن...غاب الصدى عن المكان وفقدنا صخب شوارع الجامعة، لم يتمكن طالب السنة الاولى أن يتذوق شعور الانتهاء من تسجيل المواد في أول فصل دراسي بعد عراك طويل وطابور يحوي آلاف الطلاب.
طالب السنة الرابعة لم يعش مشاعر الفراق وأن تُغلق الجامعة أبوابها وما زال الطلاب يتمسكون بالساعات الاخيرة من الفصل الأخير لهم في الجامعة.
غاب عن طلبة السنة الثانية فرصة تجريب لحظات تفويت المحاضرة الأخيرة واستبدالها بجلسة أصدقاء بالكاد تعرفهم.
ربما عاش طلبة السنة الثالثة بعضًا من لحظات الجامعة المختلفة وما تحويه من انفراد بحياة تسير بخطى عشوائية بعد أن اعتادوا على نكهة المشروب الساخن الصباحي وأرق محاضرة الثامنة ، التي تمنعهم من الاستمتاع ب"القزردة الصباحية" من البوابة وحتى قاعة المحاضرة .
ولكن، ستعود الضحكات لأماكن احتضنت الأحلام الأولى ومشاريع قضاء آخر يوم في الامتحانات إلى أن تغيب الشمس، ستعود الخطط المالية لكيفية صرف "المكرمة" من غير اسئلة مٌلحة من الأهل ، ستعود مكاتب الأساتذة تنتظر فوج من الطلبة لمراجعة الدكتور في علامة مُستحقة أو بأعذار لتأجيل الامتحان .
سيفرح بائع "النسكافيه" من جديد، ليدع الفتيات يجربن خلطته الجديدة وتفننه في الإكثار من "الرغوة" . لن يغفل عن سائق السرفيس عن الطالبة التي تريد النزول لأقرب مكان من كليتها بدلًا من المشي من البوابة الرئيسية واختصار المسافة .
نأمل بعدة تعيد للحياة انتعاشها، أزماتها المُحببة، التأخير المليء بالأمل ، ستكون الصعاب جميلة بعد غياب أكثر من عام ونصف .