مدار الساعة - ليث الجنيدي / الأناضول - تمر الأيام والأعوام، وما يزال الآلاف من اللاجئين المقيمين على أرض الأردن يرتقبون يوما تُحل فيه أزمات بلادهم، على أمل العودة إلى أوطانهم، بعد أن غادروها قبل سنوات طويلة تحت وطأة حروب لا تبقي ولا تذر.
تهجير قسري من فلسطين غربا، وهربا من صواريخ الغزو الأمريكي جاؤوا من العراق شرقا، وأكمل النظام السوري مثلث المعاناة العربي شمالا، بعد أن أجبر الملايين على ترك منازلهم، بحثا عن ملاذ آمن، ليستقروا جميعا على أرض الدولة الأردنية؛ بحكم قربها الجغرافي، على أمل استنشاق هواء بلادهم، الذي عكرت كثرة الدماء صفاءه.
يوم اللاجئ العالمي، الذي يصادف في الـ 20 من يونيو/حزيران من كل عام، ذكرى لأصحابها، مغموسة بطعم الألم؛ فصفة "اللاجئ" لن تنتفي عنهم ما داموا بعيدين عن أوطانهم، ويستذكرون في كل يوم وساعة ما حلّ بها من خراب ودمار، يتّم الأطفال ورمّل النساء، وقضى على كل مفاهيم الإنسانية.
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالعاصمة عمان، اعتبرت بأن ذكرى العام الحالي هي مرحلة "إدماجهم (اللاجئين) في الصحة والتعليم وسوق العمل"، مشيرة بأن المملكة ما تزال ثاني دولة مضيفة لهم، على مستوى سكانها، في العالم.
وأشارت عبر بيان أصدرته السبت، إلى وجود ما يزيد على 750 ألفا في سجلاتها، غالبيتهم من السوريين، بعد مرور أكثر من 10 أعوام على أزمة بلادهم، وان ما نسبته 94 بالمائة من الأردنيين يتعاطفون معهم.
ويقول متحدث المفوضية، محمد الحواري، للأناضول، إن "إحياء ذكرى يوم اللاجئ العالمي ما هو إلا تأكيد على حقوقهم التي فقدوها جراء الأزمات في بلادهم".
ويتابع: "لم يتأخر الأردن يوما عن استقبال الآلاف من اللاجئين بمختلف جنسياتهم، مثبتا للعالم بأن هذه الدولة الصغيرة بجحمها وإمكانياتها ما كانت يوما إلا ملاذا للباحثين عن الأمن والاستقرار".
ويضيف: "كما أوردنا في بياننا للعام الحالي، اللاجئون في الأردن هم بمرحلة إدماج في الصحة والتعليم وسوق العمل، فقد باتوا جزءا لا يتجزأ من مكون مجتمعي، ويجب الاستفادة من مهاراتهم وتحويلهم إلى عناصر منتجة في المجتمع، بدلا من الاعتماد على المساعدات".
واستدرك: "لكن ذلك لا يحرمهم من أحلامهم المشروعة، بالعودة إلى أوطانهم والعيش بأمن وأمان، ويجب على الدول ذات النفوذ السياسي التوقف عن عملية اتخاذ القرارات الأحادي، والسعي لإيقاف النزاعات التي صدرت هذه الأرقام من اللاجئين والنازحين".
وعن أرقام اللاجئين بالأردن، أوضح الحواري "يعيش في الأردن 750 ألف لاجئ، مدرجين في سجلات المفوضية، من نحو 52 جنسية، غالبيتهم من السوريين؛ حيث تعد الأزمة السورية من أصعب الأزمات في التاريخ منذ الحرب العالمية، ويوجد 6.7 مليون نازح داخل أراضي بلادهم، و6.7 في دول الجوار مسجلين كلاجئين".
فيما تقول الحكومة بوجود 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم دخلوا قبل بدء الثورة في بلادهم عام 2011، بحكم النسب والمصاهرة والمتاجرة.
كما يتواجد في الأردن 66 ألف لاجئ عراقي، و 14 ألف يمني، و 6 آلاف سوداني، إضافة إلى بضعة آلاف من جنسيات أخرى، بينها الصومالية.
عبد الباسط العثامنة، الخبير الأردني في شؤون اللجوء والهجرة، قال في حديثه للأناضول، إن "موضوع اللجوء موضوع أزلي لن ينتهي، ونحن في الأردن شهدنا موجات متتالية للهجرات القسرية منذ تأسيس الدولة الأردنية قبل 100 عام".
وأضاف: "تلك الهجرات أثرت على الأردن بكافة المستويات الاقتصادية والديموغرافية والاجتماعية والأمنية، وتمر السنون والأيام والحلول الدائمة لحركات اللجوء في المنطقة تبدو أمرا بعيد المنال، ذلك لأن سياسة الاحتلال للأرض لا تزال قائمة في فلسطين وهو ما يجعل العودة أمرا متعذرا".
ويوجد في الأردن ما يزيد على 2 مليون لاجئ فلسطين، يتوزعون على 10 مخيمات في مختلف محافظات المملكة.
أما فيما يخص السوريين، لفت العثامنة إلى أنهم "يتطلعون إلى استتباب الأمن وتقدم العملية السياسية في بلادهم، سبيلا لتعزيز إمكانية عودتهم، وهو ما بدأ يلوح بالأفق مؤخرا".
وأردف: "ما انفك الأردن ملاذا للاجئين آخرين من أكثر من 40 جنسية، كان فيها وما يزال أنموذجا للبلد المضيف الذي يقدم الرعاية والحماية لهم، نيابة عن المجتمع الدولي".
وبين أنه "في سبيل ذلك يقيم شراكات مع المنظمات الدولية، وفي مقدمتها المفوضية السامية، تم تأطيرها قانونيا ومؤسسيا من خلال توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين عام 1998".
من جهته، أكد وصفي الشرعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، خلال حديثه للأناضول، إن "مشكلة اللاجئين تدلل على عجز واضح من المجتمع الدولي ومؤسساته وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة، ووكالاتها التابعة لها، في خلق استقرار دولي يحول دون استمرار الصراعات والحروب والدولية".
وشدد على أن "ذلك يستدعي بالضرورة إحداث إصلاح حقيقي في المنظومة الدولية وما يتفرع عنها، وضرورة الانتقال من الاهتمام ببناء الدول والعلاقات فيما بينها إلى إعادة بناء الدول والاستقرار الداخلي فيها".
ودلل الشرعة على طرحه السابق بما اعتبره "تراجع حروب الدول خارجيا، وزيادتها على المستوى الداخلي، وما ينتج عن ذلك من أزمات تؤدي إلى استمرار ظهور لاجئين جدد".
ولم يقلل الشرعة من ضرورة ما أسماه "الدعم المالي والنفسي للاجئين"، ولكن دعا إلى حل "جذري" للمشاكل التي تؤدي إلى ظهورهم وتركهم لأوطانهم ومنازلهم.
أما فيما يتعلق ببلاده ودورها في إيواء اللاجئين من جنسيات مختلفة، فقد اعتبر الأكاديمي الأردني بأن "المملكة تعاني بشكل كبير من موجات اللجوء الناجمة عن الحروب والأزمات في الدول المجاورة لها، علما بأنها لم تكن سببا في أي من تلك الأزمات، وما تقوم به هو دور إنساني بحت، رغم ما يطال مواطنيها من تداعيات".
وخصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ديسمبر/كانون أول 2000 يوم 20 يونيو للتعريف بقضية اللاجئين، وتسليط الضوء على معاناتهم واحتياجاتهم، ومناقشة سبل تقديم الدعم والمساعدة لهم.