في عصر جديد بطابعه التكنولوجي والمعرفي، وفي أدوات تعلمه وأنماط اقتصاده، وفي شكل وقنوات إعلامه اجتاح العالم وباء خبيث الطابع خفي الهوية عجزت أعتى الدول عن مواجهة انتشاره السريع والحد من عدد الإصابات بالرغم من إغلاقات عدة، وإجراءات حظر متنوعة، وأساليب وقاية مبتكرة، وأنماط حياة جديدة، كما عجزت معظم دول العالم في الحد من آثاره الكارثية في الاقتصاديات، وفي مظاهر الحياة الاجتماعية، ومنها التعليم الذي توقف قصرًا وعلى فترات لعامين مسببًا فاقدًا تعليميًا في مفاهيم حرجة، وأذى نفسي واجتماعي لمعظم طلبة البشرية بالرغم من محاولات حثيثة للأنظمة التعليمية والمؤسسات المعنية بحقوق الطفل والطلبة للتعويض عن التعليم عبر الممازجة بين التعليم الإلكتروني والتقليدي والتعليم عن بعد ووجاهيًا على فترات، وإعداد برامج تعويضية، وكذلك تقديم برامج للدعم النفس اجتماعي حال عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة.
التعليم والعودة إلى المدارس يتطلب دعمًا نفسيًّا واجتماعيًّا
مدار الساعة ـ
حجم الخط
لقد قدمت تجربة جائحة كوفيد 19 للعالم فرصة كبيرة للتعامل ونقل الخبرات في كل المجالات تعليميًا وتربويًا واجتماعيًا واقتصاديًا لمواجهة جائحة لا تعرف للحدود معنى أو مسمى، ومن جانبها قامت وزارة التربية والتعليم الأردنية بالتعلم يومًا بيومٍ من العالم ومن تجربتها في التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد؛ فقامت استعدادًا لبدء العام الدراسي الجديد بتطوير منظومتها في التعليم الإلكتروني؛ ولأنها تدرك أن فاقدًا نمائيًّا صاحب الفاقد التعليمي؛ فقد أعدت عدتها لاستقبال الطلبة ببرامج دعم نفس اجتماعي، وبرامج تعويض للفاقد التعليمي وأخذت بكل وسائل تطوير التجربة ككائن حي ينمو شيئًا فشيئًا حتى يكتمل نموذجنا الأردني الخاص بعملية التعليم وفق كل الظروف.
إن قرار بدء العام الدراسي المقبل 2021/2022 في موعده مدرسيًا مع الأخذ بكل إجراءات الوقاية والسلامة العامة ضمن بروتوكول صحي ومصفوفة إجراءات وعدة سيناريوهات توازن بين مطلبي التعليم والصحة وضمانًا لصحة الطلبة والمعلمين والعاملين والمجتمع؛ لأن وزارة التربية والتعليم تعلم أن الجائحة مستمرة، وهي مضطرة إلى مواجهة وباء كورونا بكل الوسائل والطرق مع استمرارية الحياة بكل تفاصيلها وعلى رأسها تقديم خدمات التعليم.
وفي إطار البحث عن دعم الطلبة نفسيًا واجتماعيًا نتيجة الغيبة الطويلة عن المدارس فقد أعدت وزارة التربية والتعليم خططها لمعالجة الاختلالات في سلوكيات الطلبة حال عودتهم إلى المدارس
وذلك تلبية لاحتياجات الطلبة وتقديم الخدمات الإرشادية التي تساعد على تعزيز المناعة والصحة النفسية لديهم بالتعاون مع المجتمع المحلي (الأسرة) في ظروف جائحة كورونا (كوفيد - 19)، ودعم أولياء الأمور في الممارسات الإيجابية مع أبنائهم لتنظيم أوقات نومهم ودراستهم عبر أدوار متعددة وجديدة للمرشد والمعلم وإدارة المدرسة والأسرة والمجتمع وبالتعاون مع الشركاء والمجتمع كافة.
إن عودة الطلبة بعد انقطاع تتطلب وتستوجب توازنًا مخططًا له بين الاحتياجات التعليمية والاجتماعية والعاطفية للطلبة في جميع مدارس المملكة في جميع القطاعات، إلى جانب تطبيق الإجراءات الوقائية والبروتكولات الصحية المعتمدة بالتعاون مع وزارة الصحة ضمانًا لسلامة الجميع.
لقد أعدت وزارة التربية والتعليم دليلًا إجرائيًّا واضحًا لمعالجة الاختلالات تضمن برامج خاصة بالدعم النفسي والاجتماعي للطلبة، ليعيد تنظيم شكل العام الدراسي في ضوء الاعتبارات الصحية منذ أول يوم دراسي لضمان بيئة تعليمية إيجابية في بناء شخصية الطالب المتكاملة داخل سور المدرسة وخارجه أيضًا، ولا شك في أن دور المعلم والمرشد التربوي محوري وأساس في هذه البرامج العلاجية والوقائية من أجل إكساب الطلبة المهارات الدراسية، وتوجيههم لسرعة الاندماج من جديد في البيئة الصفية ومع أقرانهم، وبناء العلاقة الإيجابية مع الطلبة آخذين بعين الاعتبار أن وزارة التربية بدورها قد كيفت كل أدوات التعلم بما يتناسب وحالة غياب الطلبة القصري عن التعليم الوجاهي بما فيها تكييف كتبها لتقدّم للطلبة المفاهيم والمبادئ الرئيسة.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد أوضحت مرارًا أن دليل العودة الذي أعدته، والذي تقوم على تدريبه للمعنيين بما فيهم مديري المدارس، يأتي في إطار استعداداتها للعودة للتعليم الوجاهي. ويعد الدليل بمثابة منهج وقائي يهدف إلى حماية الطلاب وتعزيز الثقة لديهم ويساعدهم على التكيف مع الظروف بشكل أفضل، حفاظًا على سلامتهم وضمن بيئة صحية وتعليمية آمنة، تراعي تقليل عدد الطلبة في الصفوف الدراسية، والحفاظ على التباعد الجسدي، وتعزيز اتباع السلوكات الصحيحة للنظافة الشخصية، والتعاون مع جميع أطراف العملية التعليمية.
وأخيراً، فإن المطلوب من إعلامنا وكل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص أن تؤدي أدوارًا محوريةً في غرس الوعي الفردي والجماعي لدى الأسرة والمجتمع دعمًا لعودة آمنه إلى المدارس على كل الصعد تجاوزًا لأزمة الوباء بكل الطرق والمصادر. والله من وراء القصد.