من المتعارف عليه عند كافة الشعوب, أن اللون الأحمر هو لون الدم, دليلا أو كناية عن الخطر. حتى أصبح هذا اللون يستخدم في كثير من الرسومات أو الخطوط, وحتى الكتابة, للدلالة على الخطر والمنع أو الإنتهاك أوالتجاوز. وأصبحت عبارة عدم تجاوز الخط الأحمر, تستخدم كمصطلح من قبل العلماء والمفكرين بمختلف أطيافهم, للدلالة على خطورة الموقف أو الحالة, في حين والغريب أن اللون الأحمر يستخدم أيضا للتعبير عن الحب, لذلك نجد أن الورد الأحمر الأكثر إستخداما بالمناسبات العاطفية.
لقد كثر في الآونة الأخيرة في بلدنا بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية, استخدام عبارة (خط أحمر)، فإذا ما قبلنا ضمنا أنه في الديمقراطية المتقدمة يكاد لا يستخدم هذا المصطلح, فذلك لأن الدولة ومؤسساتها تحتكم للدستور والقوانين والحقوق والواجبات, ومن المفروض أن هناك ما هو مسموح وما هو ممنوع, فالقاعدة الفقهية تقول: إن الأصل في الأشياء الإباحة, ما لم يرد نص يجرم الفعل، وفي المقابل هناك من يتعسف في استخدام الحق (القانون), وهذا أيضا يحاسب عليه القانون.
لم أكن في يوم من مؤيدي استخدام مصطلحات الخط الأحمر أو الأبيض والأسود, مع أو ضد, لأن هذه التعابير في كثير من الأحيان, تستخدم لاستفزاز الآخرين, وإيقاعهم بالمحظور, على قاعدة «كلمة حق أريد بها باطل", في حين أن العقلانية وضبط النفس والإتزان, هي ما تميز الشخص العاقل.
أما فيما يتعلق بالوطن, فإن كنا نتفق أو نختلف في التفاصيل, أو في الرؤية, فإننا لا بد أن نتفق بالثوابت الوطنية, فاستقرار الوطن والنظام السياسي ليست خطوطا حمراء, بل هي حياة أو موت, فلننظر لما يدور من حولنا.
تتفق جميع دول العالم على أن أخطر أنواع الجرائم التي تواجهها, هي تلك التي تمس الأمن القومي للدولة, بغض النظر عن توصيفها جرائم إرهاب، مؤامرة، إنقلاباً, وهذا ما يتفق عليه القانون الدولي والقانون الداخلي للدول, فلا يُعترف بأي نظام جديد, ما لم يكن قد وصل إلى الحكم بوسائل شرعية, ففي الجمهوريات يتم انتقال السلطة عبر الإنتخابات والتنافس الحر، أما في الأنظمة (الملكية الدستورية), يتم من خلال الحالات التي نص أو حددها دستور الدولة, وبخلاف ذلك يعتبر إنقلابا وجريمة مكتملة الأركان.
للأسف, ما زال هناك الكثير يفهم معنى الولاء للوطن والملك, على أنه معركة مباح فيها كل الأسلحة والوسائل المحرمة وغير المحرمة: «الغاية تبرر الوسيلة", فهذه (المكيافيلية) تستخدم بالعادة لمن يقف في الظل, ولا يؤمن بالمحرمات. والمشكلة الأكبر ليست بالأشخاص, بل بالدول التي تمتهن وتمتلك هذه العقلية, فتُظهر ما لا تُبطن, فاذا كان خصمك عدوك, فذلك معروف ومقبول, ولكن إذا كان من يتآمر علينا من أبناء جلدتنا العرب, فهذا والله جحود, وينطبق عليه قوله سبحانه وتعالى: (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) أما أبناؤنا المعتقلون, فلسنا قلقين عليهم, فنحن جميعا نعلم أن من شيم الهاشميين التسامح والعفو, ونعلم جميعا في قرارة أنفسنا, أن جلالة الملك لن يقسو ولن يظلم, تطبيقا لقوله تعالى «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس».
الرأي