منذ بداية خلق الله لهذا الكون، وبداية خلق آدم وزوجه ومن بعد ذلك ذريتهما في الأرض، وكذلك ذرية إبليس، قسم الله بنو آدم إلى قسمين أتباع الرحمن والخير (مثل إبن آدم هابيل) وهم قلة وأتباع الشيطان والشر (مثل إبن آدم قابيل) وهم كثرة (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (الأنعام: 179)). وكذلك بنو الجن منهم المؤمنون أتباع الرحمن والخير وهم قلة وأكثرهم القاسطون أتباع الشر وهم كثرة (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (الجن: 14)). وكما أعلمنا الله سبحانه وتعالى أن إبليس عندما طغى آدم وزوجه وأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها غضب الله على إبليس وعلى آدم وزوجه (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ، فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (البقرة: 35 و 36)). ولكن إبليس طلب من ربه أن ينظره إلى يوم يبعثون (بني آدم)، لِيُقْعِدَنَّ لهم كل صراط مستقيم ويأتيهم من كل جهة من حولهم (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (الأعراف: 14، الحجر: 39، الأعراف: 16 و 17). ولقد علم الشيطان كيف يغر ي بني آدم بما يهم الكثيرين منهم وهما غريزتا حب النساء (الجنس) وحب المال.
ولما تقدم نستطيع أن نحكم على من حولنا من عباد الله من هم الذين يجمعون الذهب والفضة وتلهييم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله ويحبون النساء والمال والبنون أكثر من الله وأنبيائه ومرسليه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ، الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (التوبة: 34 و 35، المنافقون: 9، الكهف: 46). ولكون القسم الأكبر من الناس هو من أتباع والشيطان والشر فسيبقى أغلبهم هم المسيطرون في آخر الزمان ويتحكمون في غيرهم من البشر إلى أن يشاء الله، ويرسل الله سيدنا عيسى عليه السلام والمهدي لينقذا الناس من أولئك الشريرين ولهذا تجمع أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام أن القيامة لا تقوم إلا على أشرار البشر في نهاية الزمان. ولهذا علي أتباع الرحمن والخير أن يتشبثوا ما إستطاعوا بدينهم ويكونوا عوناً لسيدنا المسيح والمهدي المنتظر عندما ينزل سيدنا عيسى من السماء ويخرج المهدي من المكان الموعود في هذه الأرض لينقذا الصالحين ويفوزوا بالجنة بعون الله. وسيبقى بنو إسرائيل إلى آخر الزمان يقارعون الناس أجمعين والناس يقارعونهم (وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (الجاثية: 16 و 17)).