نزولاً عند طلبات وإلحاح عدد من الأصدقاء والقُرَّاء والمتابعين، نكتب هذه المقالة، بادئين في تذكير الجميع في العودة إلى أهم أساس في بنية الإنسان من حداثة طفولته ونشأته تربوياً وأخلاقياً وتعاملاً مع غيره من بني آدم، وهي النشأة البيتية من قبل الوالدين الأم والأب.
فإذا كان الأبوان عندهما الأساس الصحيح والمتين والمسلح والمبني على كتاب الله وسنة رسوله وعلى تقوى الله. فعندها ينشأ الطفل ويترعرع ويكبر على مخافة الله في جميع أمور حياته وآخرته وفي تعاملاته مع جميع خلق الله من مختلف الأديان والأجناس لأنهم جميعا من خلق الله. وإن كان الأساس ضعيفاً وليس مسلحاً لا بدين ولا بتقوى الله، ينشأ الطفل ويترعرع على أنانية النفس ومحبتها وعدم الإكتراث بأي شيء آخر غير المصلحة الشخصية والطمع والجشع في الوصول إلى أي منصب من المناصب العليا (وكما يقال جوعان أو عطشان مناصب) بأي وسيلة كانت حتى لو كانت دنيئة ووضيعة وفيها بيع للنفس بأرخص الأثمان، وكما يقال: الغاية تبرر الوسيلة.
وكم شخص من بيننا في هذه الأيام من الجوعانين والمتعطشين للمناصب ومن الذين باعوا أنفسهم بأرخص الأثمان للوصول إلى منصب من المناصب العليا لأنه ليس لديهم أسس دينية أو أخلاقية ولا حتى مبدأ من مبادئ إحترام النفس البشرية. وبعد أن يحصل أي من أولئك على أي منصب عالٍ يبدأ بإستغلال كل دقيقة من وقته وهو في المنصب بالتآمر على وبالتجبر بكل من لا ينصاع لأوامره وطلباته من منتسبي المؤسسة التي يترأسها. ويفعل ذلك كذلك بكل شخص يشعر أنه يهدد منصبه أو مصلحته من قريب أو بعيد أو يكتشف أنه ليس من نوعيته، لأنهم يخافون الله ويتقونه في جميع أمور حياتهم وآخرتهم، ويعمل راس الهرم في المؤسسة جاهدا على إقصاء أولئك الأشخاص من مناصبهم أو عزلهم أو تعيين أشخاص في أماكنهم على شاكلته. فيستغرب كثير من الناس الذين ليسوا على علم بما وصفنا من تصرفات أولئك المسؤولين والتي لا تمت تصرفاتهم لمخافة الله بأي صلة. فنقول لهم: لا تستغربوا من تصرفاتهم نهائياً، لأن الله ذكرهم في كتابه العزيز (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (الأعراف: 179)).
نعم، إنهم في صور بني آدم ولكن الأنعام أفضل منهم بكثير كما قال الله فيهم: هم أضل من الأنعام، وهم الغافلون تماماً عن مخافة الله. ونضيف قائلين على كل من يستغرب من تصرفاتهم، عليكم أن تستغربوا منهم إن تصرفوا غير ذلك لأن الطيبة ليست من شيمهم ولم يتربوا عليها وليست موجودة في دمائهم لأنهم جميعاً نشأوا وتربوا على القلة والمذلة والمهانه من قبل والديهم أو مجتمعهم في قريتهم التي نشأوا وتربوا فيها. وعندما إلتحقوا بالجامعات وسنحت لهم الفرص أن يتلقوا تعليمهم العالي في بعثات دراسية في الخارج على حساب الدولة أو جهات خارجية فتحوا أعينهم على أشياء لم يَحْلَمُوا بها نهائيا،ً وكما يقول المثل العامي: هجين وقع بسلة تين. فقال لي عدد كبير من الزملاء الطيبين: هل سمعتم ما كان يدور بين رأس الهرم في إحدى مؤسساتنا في أردننا العزيز مع أحد المسؤولين من فريق عمله من كلام ناقص وقلة أدب بخصوص بعض الإناث في مجتمعنا العزيز؟. وهل سمعتم كيف طلب نفس راس الهرم من نفس المسؤول التابع له أن يكتب بأحد العاملين في وحدته كتاباً بالباطل لينتقم منه لأنه كتب شكوى عن تجاوزات رأس الهرم لمكافحة الفساد؟. قلت لهم، نعم، سمعت (الله يخلف على وسائل التواصل الإجتماعي اللي ما بتخلي شيء مستور)، وكما قيل لنا من بعض المقربين منه ان رأس الهرم في تلك المؤسسة وصل لمنصبه عن طريق تواصله مع إحدى الجهات المحذور التعامل معها نهائياً من قبل أجهزتنا الأمنية وقبل اياديهم (يا حبذا لو أجهزتنا الأمنية تكشف حقيقة أمر إتصالاته مع تلك الجهة وتحقق معه وتقيله من منصبه).
ولهذا السبب رغم كل الشكاوى التي قدمت ضده من قبل كثير من منتسبي مؤسسته الذين يخافون الله في مؤسستهم، لم يُقل رأس الهرم من منصبه ولم يحصل أحد منهم على حقه وأجبروا جميعا على الإستقالة من المؤسسة، وكما يقول المثل العامي: خِلِي الميدان لحميدان. وعلى كل من يقول من الناس: تكلموا معهم لعلهم يرتدعون، نقول لهم: هذا النوع نعرفه جيداً لا يسمع النصيحة ولا يرتدع وينطبق عليهم قول الله تعالى (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (الفرقان: 44)، كما وينطبق عليهم المثل العامي أيضا: الِّلي ما بنفع الحكي والكلام فيه ضرب السيف أولى فيه. ودعونا نقول لهم ولأمثالهم سوف يمهلكم الله ولا يهملكم ولكن إذا جاء أجلكم سيأخذكم أخذ عزيز مقتدر (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (النحل: 61))، وسيشفي الله في إنتقامه منكم قلوب قوم مؤمنين.