أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الكايد يكتب: خطاب إلى الشارع

مدار الساعة,مقالات,مكافحة الفساد,صحيفة الرأي
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم علاء مصلح الكايد

يتداعى اليوم شباب من أبناء وطننا للنزول إلى الشارع بغية إيصال أصواتهم للعرش متجاوزين السُّلطتين التشريعية والتنفيذية بعدما سيطرت حالة من اليأس على الأحلام والآمال والطموحات.

وإن كان لي موقف مغايرٌ لا يرى في مثل هذه الفعاليات ما يُعوَّل على إنتاجيّته، وتحفُّظي على بعض دُعاة هذه الفعاليّة، إلّا أنّتي كمواطن أردنيّ يملك حقّاً دستوريّاً كغيره للتعبير عن الرأي، وكواحد ممّن تشرّفوا بمقابلة جلالة الملك قبل عامين ضمن لقاءات جلالته الدورية مع أصحاب الرأي، سأوجه ندائي لأبناء جيلي من شباب الوطن وشاباته.

فإذا أردتم أن تعرفوا الملك عن قُرب، فلتقرؤوا كتابه " فرصتنا الأخيرة " الذي لم ينشره من فراغ إذ أنه ليس بالمذكرات السياسيّة، بل جسر من سدة الحكم تبعها دعائم تقوية يومية من لقاءات وتوجيهات وإقالات وتغييرات وأوراق نقاشية بسط فيها الملك خلاصة فكره الذي يلتقي مع رغبات شعبه وإحتياجاته.

ولنتذكر بواكير الملكية الرابعة، حيث التقدم على مؤشرات مكافحة الفساد حتى وصلنا مرتبة تاريخية بلغت ( ٣٧ ) على مستوى العالم في حينه، وإستُجلبت رؤوس الأموال من شتى أصقاع المعمورة أملاً في إنعاش إقتصادي ينعكس على مستويات الدخل ونسب البطالة، والسير نحو رفع يد الدولة عن الإقتصاد لحساب القطاع الخاص وتوجيه الطاقات الرسميّة للتوسع في حقوق التعليم والصحة والسكن وتميُّزٍ في مضمار السياحة العلاجية ورفد صناديق البحث العلميّ بالدعم اللازم ونشر الجامعات منارات علم على مساحات الوطن وغيرها من الشموع المضيئة التي نقلت الأردنّ من حالٍ إلى حال في حينه، لكننا بعد ذلك عدنا للتراجع في عدد من المجالات، وهنا السؤال: كيف ولماذا؟ وهل للإصلاح من كُلفة وأعداء ؟

لقد إجتهدت سابقاً بتلخيص الحالة الوطنية عبر سلسلة مقالات بعنوان " تشخيص الحالة " على حلقات ثلاث في صحيفة الرأي، وخلاصة ما حملته السلسلة هي أننا ( نحن الشعب) كنّا حطباً في صراع نخبويّ بين معسكرين، تقليديّ وآخر معاصر.

وبكل أسف، فمن عبثوا بالعدالة الإجتماعية فصادروا الوظائف وجيروها لأخلافهم هُم منّا، والآخرون الذين فُصِّلَت الهيئات والمؤسّسات على مقاس أبنائهم منّا أيضاً مع فوارق طبقية بين الفئتين.

ومن ذادوا عن قريبٍ فاسدٍ أو مُفسدٍ منّا أيضاً، ومن زوّروا إرادة الشعب وكتموا أنفاسه منّا أيضاً إلى آخر القائمة، فأضحينا نحن رصاص تلك المعركة وضحاياها، وهنا يأتي السّؤال الآخر: من المستفيد؟!

وعن الحكومات المنتخبة والنهج الذي يُنادى بتغييره، هل أثبتنا منذ شهور أننا قادرون على إفراز مجلس نيابي يمثلنا بحق؟ نعم هي فرصة لتعديل قانون الإنتخاب الذي نادى الملك بدراسته مع حزمة من قوانين الإصلاح السياسي قبل شهور، لكن؛ على أيّ أساسٍ ولأيّ هدف؟ التغيير تحصيل حاصل لكن ما هو الناتج المرجوّ؟ هذا ما يتوجب علينا أن نجيب عليه ضمن حوار وطنيٍّ يضمّ شباب الوطن وشاباته الأدرى بأوجاعهم وهمومهم.

لقد خُذِل الشباب الأردنيّ كثيراً، فحتى من رُوهِنَ على فكره إبتعد عند أوّل منعطف حقيقيّ، لنكتشف أننا ما زلنا - مع الإحترام - مجرّد أدوات، إما أصوات إنتخابية في جيب مرشح العشيرة، أو ذخيرة حية بقدر اللايكات التي يجني أصحابها الثمن كلّما علت نسب المشاهدة، ويبرر السؤال الآخر: إلى متى ؟ وماذا بعد؟!

إنّ خلاص شباب الوطن وشاباته بالإتحاد مع فكر الملك، الملك الذي يسعى للنأي بأبنائه وبناته من أن يكونوا خدّاماً للمسؤول إذ يأمره بأن ينزل إليهم متلمّساً حاجياتهم، يدفع بهم للضغط على صناع القرار كي يُكمّلوا ضغطه عليهم من الأعلى، يرسل إليهم بالأوراق النقاشية التي ينتظر منهم الرد عليها وترجمتها واقعاً حقيقيّاً، يدفع بوليّ عهده ليكمل ما إستطاع في تغطية تقاعس المسؤولين، ويستبدل منهم الأول بالتالي على أمل الإصلاح.

ربما أن هذه الكلمات قد تصل إلى فؤاد من ألقى السمع ووزنها بعقله، بتجرُّد وموضوعية، فمن باب المصلحة؛ ما من مليك إلّا ويرغب برؤية وطنه في أحسن حال، ومن باب العقيدة؛ يسكن الوطن في روح مليكه إذ هو ليس برئيس عابر سينتقل إلى معارضة خلفه بعد إنتهاء سيطرة حزبه.

كم أتمنى أن يرى شبابنا الوطن كما رأيته في عيون الملك، وكم أتوق إلى سماعهم الشجن في حديثه عنه، نعم فهو أب، ندعو له بالبطانة الصالحة التي تعينه على الخير،إنه سميع مجيب.

هذا الوطن أرفع من أن يُمتطى، وهذا الشعب أجلّ من أن يكون حطباً لنار ينتظرها أصحاب الحسابات الخاصة بيأس، بل هي دار الكرم والكرامة.

أخيراً، وفي كل قراءاتي لتاريخ العالم السياسي، تمنيت ان ارى شعبا رابحاً من أيّ تحرّك، بل كانت الشعوب هي الرصاص وهي الضحية.

لكنّي مؤمن بأن شباب الوطن سيكونوا في تحركهم عوناً للمليك في ثورته التي صرح عنها مراراً وجدد الدعوة إليها مطلع العام.

حمى الله الأردن قيادة وشعباً

مدار الساعة ـ