الزيارة الملكية العاجلة التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى مستشفى السلط بعد الكارثة التي حلت وأدت إلى وفاة سبعة مرضى نتيجة لنقص الأوكسجين، وضعت حداً لما كان يمكن أن يتطور نتيجة الإهمال وسوء الإدارة التي تحيط بإدارة الملف الصحي منذ بدء جائحة كورونا وحتى الآن، وطرحت سؤالاً موضوعياً عمن يتحمل المسؤولية، وإلى متى سيبقى الملك يبادر سريعاً دون أي معونة من المسؤولين الذين يفترض أنهم أصحاب القرار.
ما حدث في مستشفى السلط كارثة حقيقية ومسؤولية تتجاوز استقالة مدير المستشفى ووزير الصحة إلى أكبر من ذلك، وهذا يضع علامات استفهام حول الخطط الحكومية للطوارئ وإدارة الأزمات، وأن دور السلطة التنفيذية ليس اطفاء الحرائق بعد اشتعالها، وإنما وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لمنع نشوب الأزمات.
بهذا الصدد لا بد من تحديد الاخطاء المتراكمة عبر الحكومات لإدارة أزمة الصحة والإدارة العملية للدولة ومن أهمها:
أولاً: غياب التمويل الكافي للمؤسسات الصحية، وتقليص موازناتها وخاصة المستشفيات، والتأخر بتعيينات تواجه النقص الحاصل مع انتشار فيروس كورونا، في حين يتم صرف مئات الملايين على مؤسسات ومشاريع ليست ذات أولوية الآن، في وقت يجب فيه الحفاظ على صحة المواطنين كما فعلت كل دول العالم.
ثانياً: غياب التخطيط والاستراتيجية الصحية والاستعاضة عنها بمؤتمرات صحفية وكلام معسول منذ بداية الأزمة قبل سنة وحتى اليوم وتضارب التصريحات والاولويات لدى مسؤولي القطاع الصحي.
ثالثاً: التأخر الكبير في توفير اللقاحات لتطعيم أكبر عدد ممكن من المواطنين أسوة بدول في الإقليم قامت بتطعيم غالبية سكانها، وتبين أن التصريحات التي كانت تتحدث عن حجز مليوني لقاح في شهر حزيران الماضي ما هي إلا كلام معسول، ما أدى إلى تأخر «اللقاحات» وتأخر توفيرها للمواطنين، يقابل ذلك نقص في السياسية الإعلامية تجاه ازمة كورونا وانتشار نظرية المؤامرة حول اللقاحات.
رابعاً: سوء إدارة الملف الصحي أدى إلى ارتفاع حاد في نسبة إشغال المستشفيات في القطاعين العام والخاص وصلت إلى نسبة 95 بالمئة وعدم وجود أسرة في المستشفيات للمرضى، وبالتالي أصبح الضغط على القطاع الصحي كبيراً.
خامساً: التأخر في بناء المستشفيات الميدانية في شمال ووسط وجنوب المملكة (وبعضها لغاية الآن تعاني صعوبات كبيرة) لولا تدخل جلالة الملك وإيعازه للحكومة والخدمات الطبية ببناء مستشفيات ميدانية تستوعب الأعداد الهائلة من مرضى الكورونا.
سادساً: بيع الأوهام للناس عبر تصريحات إعلامية دونكشوتية تتحدث عن إنجازات هي لا شيء على أرض الواقع، على اعتبار أن ذلك يرفع من شعبية الحكومات والمسؤولين وفي نفس الوقت عدم وجود سياسة ما يسمى public awareness أي بناء منظومة من الوعي لدى المواطنين بمخاطر الوضع الصحي يرافقه تأخر في اجراءات التقييد للحد من إصابات كورونا اليومية.
أخيراً.. ما حدث في مستشفى السلط فاجعة وإهمال لا يمكن تبريره، وأن المسؤولية يتحملها الجميع بما في ذلك الحكومة وإدارتها كما صرح بذلك رئيس الوزراء، وتتحملها أيضا سياسة الترضيات والتنفيعات في التعيينات في قطاعات كبيرة من بينها «الصحة» على حساب المصلحة العامة وصحة المواطنين.
وهنا لا بد من اجراءات قاسية تحاسب كافة المقصرين، ولا بد من إعادة التفكير بنهج الإدارة وتولي المسؤولية وطريقة اختيار الوزراء والقيادات في كافة مواقع المسؤولية.. حمى الله الملك والشعب والوطن.
awsnasam@yahoo.com
الرأي