في الدول الراقية المتقدمة التي يتم تعيين المسؤولين فيها بناء على خبراتهم، يقدم المسؤول أي مسؤول إستقالته طواعية ،في حال حدث خلل ما في قطاعه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد قدم وزير المواصلات الياباني قبل عشرات السنوات إستقالته فورا طواعية، تعبيرا عن تحمله المسؤولية الأخلاقية عن أي خلل في قطاعه، بعد نشر خبر مفاده أن طائرتين يابانيتين تصادمتا في الجو،بينما إضطر جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ،إلى الإيعاز لوزير الصحة د.نذير عبيدات بالإستقالة ،بسسب ما حصل في مستشفى السلط ، وسقوط ضحايا بسبب نقص الأوسجين، وكان من الأجدر إستقالة حكومة د.بشر الخصاونة بكاملها كي يخضعوا للمساءلة، ويتم محاسبة المقصر فيهم.
رب ضارة نافعة ،فرغم ثقل البؤس والحزن الذي عانينا منهما كمواطنين أردنيين مكلومين، بسبب سوء أداء البعض ممن يتقلدون مناصب عليا، تبين لنا فيما بعد أن حجم المنصب أكبر منهم ،فلا هم جلسوا عليه مرتاحين ولا نفذوا ولو جزءا يسيرا مما ورد في كتاب التكليف السامي،خدمة للوطن والمواطن وتبييضا لوجه سيد الجميع جلالة الملك عبد الله الثاني، لأن جل همهم هو الكسب السريع غير المشروع لهم ولذراريهم ولنسائهم،وهذا ما يبرر الشركات التي يتم تسجيلها بأسماء نساء وأولاد وبنات البعض ،وهذا هو عنوان الفساد.
لن نتوقف عند ما جرى في مستشفى السلط ،لكننا أيضا لن نتوقف عن قرع الجرس للتأشير على مواطن الخلل، والتنبيه إلى ضرورة إختيار الوزراء وحتى النواب وكبار المسؤولين في المؤسسات الحكومية على وجه الخصوص، ولذلك فإننا نكرر موقفنا الرافض لطريقة إختيار الوزراء أو النواب أو كبار المسؤولين، وشطب كلمة التنفيع أو "الباراشوت" الذي يقع علينا من رحم المؤسسات الإقتصادية والإستخبارية الدولية،وبات معروفا أن إختيار المسؤول أي مسؤول قد إنحسر في دائرة المتنفذين أصحاب الملايين،وعلينا أن نتجه لتعيين أصحاب الخبرات والكفاءات.
لا ندعو إلى تعيين المسؤولين هكذا بدون إختبار وإمتحان في غاية الدقة ،لأن التعيين التقليدي لا يصب في مصلحة البلد العليا،والمحافظة على وقت جلالة الملك ، لأن المسؤوليات الملقاة على عاتقه أكبر مما يتصورن، وتقوم في مجملها على حماية مصالح الأردن العليا ،والحفاظ على المكتسبات التي حققناها ،وكذلك حفاظا على هيبة الوطن ،لأن ما حدث في مستشفى السلط كان عملا معيبا، خسرنا بسببه نقاطا دولية.
يتوجب عند تعيين الحكومة أي حكومة ،أو تعيين النائب أي نائب،أن يتم إستبعاد رجال المال والأعمال، لأنهم يركزون على مصالحهم ومصالح جميع من يعولونهم، ويتوجب الأخذ بعين الإعتبار أن يتم تعيين أصحاب الخبرة والمعرفة والكفاءة وإنصافهم وهم كثر في البلد ، ومراجعة كافة الملفات والسياسات الحكومية ،لأن الوضع في البلد ما عاد يطاق بسبب عدم تحمل المسؤولين لمسؤولياتهم،فما وقع في مستشفى السلط جريمة أقطابها متعددة، ولا تقتصر فقط على وزارة الصحة وكادرها، بل لوزارة المالية التي تقنّن المصروفات نصيب من المسؤولية، وكذلك وزارة الأشغال التي لا تتابع طرقات البلد، وفي مقدمتها الطريق الصحراوي الذي يحصد العشرات من المواطنين سنويا،ولا يجدون من ينال الجزاء...