أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

المومني عن إلغاء الامير الحسين زيارته للأقصى: هكذا تصنع الملوك.. الرواية الكاملة

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - بقلم: المحامي بشير المومني

لكل شيء صناعة ولطالما احترف الاردن صناعة الملوك منذ فجر التاريخ ولربما هو قدر هذا البلد أن يكون المنطقة التي يتكسر على صخرها الغزاة ليذهب التاريخ بكل محتل وبداية الحكاية دائما وأبدا من الأردن ، فدائرة الجماجم التي لا يتجاوز قطرها عشرات الكيلومترات شاهدة على زوال الاحتلال الامبراطوري للروم في اليرموك والصليبيين في حطين والمغول في عين جالوت وليبقى الأردن الهوية والتاريخ فنحن أهل قتال بطبيعتنا ولا يوجد في عالمنا العربي من هو اشرس من الاردنيين ولطالما ذاق العدو الصهيوني من نيران النشامى طعم الموت مقررا بحكم إلهي مفاده (وإن عدتم عدنا ) ولطالما شهد التاريخ بأن كل فتح لبيت المقدس وتحرير للأقصى كان الأردن مبتداه ومنتهاه لمن يقرأ التاريخ ..

فن صناعة الملوك حرفة أردنية بامتياز لما يجده قادة هذا الوطن من مشاق وما يفرضه سؤدد التاريخ وضوابط الحق ومنهجه في انتزاع حق الحياة من براثن حتمية التاريخ التي تقضي بزوال المعتدي في منطقة لا تهدأ متغيرة الخرائط ومتحركة الصراعات والمصالح باستمرار فقدرة الأردني على التكيف هائلة وقدرة الأردن على الصمود تدرس كما قال ولي عهدنا الذي يُصنع اليوم على عين الأردنيين ويتشكل على يد والده جلالة الملك لأنهم صنيعة الله وقدره في بلد جُعل به عامود الدين راسخا ولتحفه الملائكة ولتسدل عليه استار العرش حفظا ومنعة وتمكينا، وقد عجب منا أهل المراهقات السياسية على الصمود وقدرتنا على الاستمرارية والحياة رغم كل ما يحيق بنا من مكر أهل الأرض لكنهم نسوا قوله تعالى ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ) وبأننا في حفظ اهل السماء ..

للحكاية رواية بدأت منذ آلاف السنين ولا تزال مستمرة بقدر الله وقدرته لم يكن آخرها وقفة العز الأردنية بمواجهة صلف رجل المنطقة المريض ( نتن ياهو ) الذي يكره الملك ولا يتمالك نفسه او يستطيع إخفاء تعابير وجهه من البغض الذي يعتريه عندما يسمع اسم الاردن او اسم سليل بني هاشم ، فالنتن ياهو يكره الهاشميين ويبغضهم حد تشكل حالة القلق المزمن لديه ويحاول عبثا ان يلتقط اي لحظة تمكنه من رد الصفعات المتوالية التي وجهها له الملك عبدالله لأكثر من مرة وفي أكثر من موقف عروبي عتيق لكن هيهات فلدينا مؤسسات وقيادة قادرة على التعامل مع هذه النوعيات الصهيونية بحكم التاريخ والتجربة وقد أثبت الأردن انه قادر على تصفية أحلام الصهاينة التي لم يكن آخرها ما يسمى بصفقة القرن وقد وقف بلدنا شامخا كالطود في مواجهة اسوأ ادارة امريكية عبر التاريخ والجميع يذكر ( اللاءات الثلاث ) وما دفعناه من ثمن ولا ازيد ..

تنحية المقدسات الاسلامية والمسيحية في عموم فلسطين وخصوص القدس عن الصراع السياسي ووضعها تحت وصاية الهاشميين الدينية هو مفتاح السلام بالمنطقة كحتمية يستحيل تجاوزها فالسلام لم ولن يتحقق دون ذلك وهذه الحقيقة يدركها رجل المنطقة المريض ( نتن ياهو ) واكثر ما يبغضه هو الحقيقة ومن هنا يحاول ان يزيفها او يغير بالوضع القائم فيها بلا انتاجية تذكر وهو لا يتوب من تلقيه للصفعات في كل محاولة كان اخرها صفعة ولي عهدنا الامير الحسين وقد حاول النتن ياهو عبثا ان يقدم لرواية سخيفة كانت أسوا ما يمكن ان يلوكه الفم بعد اكل مال اليتيم ، لكن الحقيقة تبقى حقيقة وهي تقرر بأن أميرنا الصنديد قاد بنفسه صراعا أمنيا وسياسيا ودبلوماسيا بحرفية تكتيكية واستراتيجية عالية وبذكاء حاد ترك فيه جلالة الملك لولي عهده حرية اتخاذ القرار بلا معقب وبدعم شخصي لما يقرره سموه حول زيارته التوكيدية لارتباطه الشخصي بالحرم القدسي والذي اشار إليه قبل ايام في مقابلة على التلفزيون الأردني ..

كانت الترتيبات تجري على قدم وساق لزيارة سمو الامير مع مرافقيه الذين طلبوا منه طلبا شخصيا وابدوا رغبتهم بأداء صلاة الظهر جماعة في معراج نبي الله العربي الهاشمي محمد عليه الصلاة والسلام إلا أن الصهاينة - كعادتهم - أرادوا النيل مما تعبر عنه هذه الزيارة بكل أبعادها وتوقيتها فاخترعوا ذريعة الاعتراض على عدد مرافقي اميرنا لكن سموه وبما يحمله من قيم عسكرية لا يمكن أن يترك رفاق السلاح خلفه، وكهاشمي لا يمكن أن يرد راغبا فيه او مطلبة منه، فرفض ذلك وأصر على موقفه من لزوم حضور زملائه ورفاق السلاح للصلاة معه.. وبعد رجوع سموه الى مرجعية جميع الاردنيين جلالة الملك قام بتشكيل (خلية ازمة) لقيادة المشهد بنفسه ..

كانت المعلومات تتوارد عبر مصادرنا الاستخبارية المتعددة حول الموقف السياسي والدبلوماسي والامني والميداني ويقرأ سموه اتجاهات القرار الصهيوني ودوافعه واثاره وما قد يترتب عليه من اجراءات مضادة وكانت خلية الازمة المنعقدة برئاسة سموه تراقب وتقيّم كل صغيرة وكبيرة لاتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، على الأرض كان هنالك المرابطون المقدسيون الاشاوس الذين يستعدون لوصول الامير للالتفاف حوله واداء الصلاة بمعيته وبدأت الاخبار تتسرب داخل الوسط المقدسي والفلسطيني وبدأ اهلنا المرابطون يتوافدون على باحات الاقصى بآلاف للقيام بالواجب العربي الاسلامي الاصيل، بالمقابل كان الكابينت الصهيوني بقيادة نتن ياهو يحاول ان يوجه ضربة للزيارة بطريقة قذرة وقد وردت لخلية الازمة معلومات تكتيكية هامة حول ذلك مفادها ان الجانب الصهيوني يريد (عزل) الامير عن مستقبليه من مرابطين ومصلين جاءوا للاحتفاء به بذريعة الأمن وهذا يحقق أمرين الأول فرض شروط الاسرائيلي على الاماكن المقدسة وفي ذلك مساس بالوصاية الهاشمية لتظهر بأنها وصاية اسرائيلية او تحت رعايتها والجانب الاخر التضييق على الفلسطينيين في صلاتهم وعبادتهم للواحد الاحد تحت بند بروباغاندا صهيونية مريضة مفادها (ان منع الفلسطينيين من الصلاة بالاقصى جاء نتيجة زيارة ولي عهد الاردن للمسجد) وهذا بالطبع ما رفضه الامير وبناء على تقديرات الموقف أصدر سموه قراره الشخصي بإلغاء الزيارة كما تقرر عدم منح الإذن لطائرة النتن ياهو لعبور الاجواء الاردنية بطريقها لدولة شقيقة مما أدى إلى إلغاء زيارة رئيس وزراء الكيان رغم أنفه الذي حاول عبثا أن يدق إسفينا آخر ما بين الأردن وهذه الدولة الشقيقة إلا أن هذا المأفون لم يدرك بأن الأردن كان قد أجرى إتصالاته بالشقيق العربي مسبقا وإبلاغه بما سيكون من اجراءات تم التفاهم عليها بالاضافة لتواصلنا مع المعارضة الاسرائيلية ووضعها بالصورة التي اقتنصت الفرصة لمهاجمة غريمها فكانت الصفعة هذه المرة صفعات أكثر من قاسية وبقيادة تكتيكية هادئة من الأمير الفذ شخصيا ..

على المستوى الشعبي تسربت الرواية بكل تفاصيلها للفلسطينيين في ميدان الحرم القدسي الذين كانوا على اتصال باشقائهم الاردنيين لحظة بلحظة وينتظرون طائرة سموه لتحط بين أهله وينتظرون بلهفة ما ستسفر عنه قرارات الامير فبلغهم قرار سموه وما كان من تفاصيل واجراءات ليجتمع المرابطون بعفوية من شتى مشاربهم واتجاهاتهم على تنوعها الفكري والسياسي بما فيهم حتى (اتباع حزب التحرير) وبدأوا يهتفون باسم اميرنا على موقفه الهاشمي الرجولي النبيل.. وهكذا تصنع الملوك

مدار الساعة ـ