بقلم: المحامي بشير المومني
شهدت المسيرة الحكومية الأردنية عبر تاريخها شكلا أو أكثر من إستقالات أو إقالات الوزراء ولأسباب موضوعية وتقديرات مقبولة سواء من جانب رئيس الحكومة او الوزير.
وعبر التاريخ الأردني كنا نشهد حالات من عدم الانسجام او عدم التوافق او الاتفاق ما بين الوزير الفلاني ورئيسه العلنتاني مما كان يدفع بالوزير للإستقاله او بالرئيس للإقالة فنحن لسنا دولة ثيوقراطية لنصف الوزير المستقيل بأنه من الخوارج ولسنا دولة الحزب الواحد لننعته بالخيانة الوطنية فلدينا آراء متباينة واجتهادات متعددة حتى في مجلس الوزراء وهذا احد أسباب قوة القرار السيادي والتنفيذي اصلا بحيث يكون لدينا وزير او اكثر يختلف بالاجتهاد ويقدر المصلحة العامة باتجاهات متباينة مع مجموع المجلس الوزراء نفسه.
في كثير من الأحيان كانت لآراء الوزراء الفردية واليتيمة المخالفة لرأي الطاقم الوزاري تأثير إيجابي مقنع وكانت لاجتهاداتهم أثر مباشر على القرار الحكومي واستطاع العديد من الوزراء بما يملكونه من تفكير نخبوي خصوصا إذا كان مدعوما بالبيانات والتفكير العلمي والتحليل الاستراتيجي من تحويل اتجاهات القرار الحكومي للصالح العام وعندما يجد الوزير أنه غير قادر على إقناع مجلس الوزراء بأفكاره وتصوراته وأنه ليس لديه ما يقدمه كان من باب الاحترام لنفسه ولعمله وتاريخه يقوم بتقديم استقالته لعدم قدرته على الانتاج والنهوض بمسؤوليته الوزارية باعتبار ذلك من قبيل الاخفاق السياسي والعملي وعدم القدرة على الوفاء بيمينه الذي أقسمه أمام جلالة الملك عندما أوكلت إليه المهام الوزارية.
كل ذلك يمكن أن نتفهمه ويمكن أن نستوعبه متى ما كان موضوعيا ولأن الاستقالة بهذا المعنى تأتي لأسباب موجبة معللة يمكن فهمها والقبول بها لكن أن يقوم الوزير بتقديم استقالته بعد ساعات من حلف اليمين أمام جلالة الملك بعد تكليفه واختياره لوزارة معينة وبعد أن يكون الوزير قد اجتمع مع رئيس الوزراء وتم الاتفاق فيما بينهما على تولي الوزير مسؤولية وزارته وبعد أن يكون رئيس الوزراء قد استمع لخطة الوزير وتصوره عن الوزارة التي كلف بها واتجاهات عمله فهذا يتوجب الوقوف مليا للتفكير بأسباب ودوافع الاستقالة لأنها تفتقر للمعايير الموضوعية ولأنه يقف خلفها ما يقف من دوافع شخصية ذاتية تسيء للوزير الذي قام بهذا الفعل وتنال من مصداقيته ومكنته ومكانته في نفس الوقت.
لا ندري ما الذي دفع الوزير إلى تقديم استقالته بعد تفاهماته مع رئيس الوزراء بعد سويعات معدودة من قيامه بحلف اليمن أمام جلالة الملك فلقد كان بإمكانه تقديم إستقالته قبل التعديل الحكومي وكان بإمكانه أيضا أن لا يقوم بإجراء التفاهمات ذات الصلة مع دولة الرئيس بعد التعديل الوزاري والاتفاق على توليه وزارة والنهوض بمسؤولياتها والاكتفاء بما كان منه خلال الفترة الماضية وما قدمه وما أنجزه - إن فعل - لكن أن يقوم معاليه بتقديم الاستقالة بعد حلفه اليمين الدستوري فهذا لا يليق به ابتداءً ويضع علامات استفهام كبرى حول سبب ودوافع قيامه بذلك التصرف غير المفهوم فحتى على الجانب الشعبي ولو افترضنا أن الرجل يريد العودة لمربعاته الاولى من التسجيلات الشعبوية فإنه لن يكون مقنعا وذات تأثير لأن العديد من الناس باتوا ينظرون الى دوافع معاليه الشخصية في المسألة لا دوافع الرجل للخدمة العامة وانزال افكاره موضع التطبيق باعتبارها باتت محل شك ووسيلة لتحقيق الاجندات الشخصية على حساب مجموع الاردنيين.