أول جريمة قتل في الكون كانت بسبب أنثى عندما قتل قابيل أخوه هابيل ليفوز بالأخت الأجمل، ومنذ ذلك الحين والإناث هن السبب في الجرائم والحروب بمختلف أنواعها في جميع دول العالم.
وفي هذه المقالة نسرد قصة إحدى الإناث المصريات الحسناوات هبة عبد الرحمن سليم حسناء مدينة المهندسين ونادي الجزيرة في مصر والتي كان همها الوحيد الموضة في المكياج والزي وغيره، والتي كانت سبباً في قتل عدد كبير من أفراد وضباط منتسبي القوات المسلحة المصرية.
كان الضابط فاروق عبد الحميد الفقي في سلاح الهندسة للصاعقة المصرية على علاقة حب مع هبة سليم وهم في الجامعة وكان قد تقدم لأسرة هبة وطلبها للزواج، فرفضه أهلها بسبب أن إمكانياته المادية محدودة، ومع ذلك استمرت علاقتهما حتى سافرت هبة إلى باريس من خلال منحة دراسية لجامعة السوروبون في فرنسا. وبعدها تقدّم الفقي للقوات المسلحة وتم قبوله وأصبح ضابطا بالجيش المصري وترقى لرتبة مقدم مهندس سلاح الصاعقة وأصبح مديراً لمكتب قائد سلاح الهندسة للصاعقة المصرية العميد نبيل شكري.أثناء دراسة هبة سليم في جامعة السوروبون تم تجنيدها مع جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" عن طريق فتاة إسرائيلية من أصل بولندي إسمها ريتا. وقد زودت هبة سليم جهاز الموساد بأسماء جميع أقاربها وأصدقائها ومعارفها في مصر ومنهم الضابط فاروق عبد الحميد الفقي.
وقد عاد الحب القديم للحياة من جديد بينها وبين فاروق الفقي وبدأت هبة تطلب منه تزويدها وتزويد جهاز الموساد بخرائط مواقع صواريخ الدفاع الجوي "سام 6" التي حصلت عليها مصر من الإتحاد السوفياتي لحماية العمق المصري من سلاح الجو الإسرائيلي. وأصبحت هبة سليم من المقربين لجهاز الموساد ولرئيسة وزراء إسرائيل آنذاك جولدامائير لما قدَّمته من خدمات جمَّة عن منصات وقواعد صواريخ "سام 6". تم الكشف عن أخطر عميلة عربية مصرية للموساد الإسرائيلي وأخطر خائن لقيادة سلاح هندسة الصاعقة المصرية؟، وذلك عندما لاحظت القيادة العامة للقوات المسلحة وأجهزة المخابرات العامة والحرية المصرية، أن جميع مواقع الصواريخ الجديدة تُدَمَّر أولاً بأول وبدقة شديدة بواسطة سلاح الطيران الإسرائيلي، وحتى قبل أن يجف الإسمنت المسلح عنها، ونتج عن ذلك خسائر جسيمة في الأرواح، وتعطيل في تقدم العمل وإنجاز الخطة التي وضعت لإقامة حائط الصواريخ المضادة للطائرات.
تزامنت الأحداث مع وصول معلومات لرجال المخابرات المصرية بوجود عميل "عسكري" قام بتسريب معلومات سرية جداً إلى إسرائيل من قلب سلاح الهندسة للصاعقة المصرية. وبدأ الشك بشكل جنوني في كل شخص ذي أهمية في القوات المسلحة، وفي مثل هذه الحالات لم يتم إستثناء أحداً بدءاً من وزير الدفاع. وبعد جهود وبحوث ومسوح كثيرة تم العثور على جهاز إرسال لاسلكي في شقة المقدم فاروق الفقي ونجحت المخابرات المصرية في كشف العميل وتم القبض عليه بسرية تامة، وخلال التحقيقات اعترف الفقي بفعلته وقال إن خطيبته هبة هي العقل المدبر، وهي صلة الوصل مع الإسرائيليين. وتمت محاكمه الفقي بسرعة وبسرية تامة وأعدم رميا بالرصاص من قبل العميد نبيل شكري الذي كان على ثقة كاملة به حتى لا تصل الأخبار لهبة سليم في فرنسا. علماً بأن فاروق الفقي كان من ضمن الضباط القلائل الذين سيعرفون بموعد "ساعة الصفر" لحرب أكتوبر 1973 باعتباره عضوا في غرفة العمليات.
وبعد ذلك وضعت المخابرات المصرية خطة للقبض على هبة سليم حيث كانت تقيم في فرنسا، وكان الحل استدراجها للسفر إلى ليبيا حيث يعمل والدها مدرساً هناك، وتم التنسيق مع السلطات الليبية وأقنعوا والدها بأن ابنته متورطة بخطف طائرة إسرائيلية مع الفلسطينيين وهي مطلوبة لإسرائيل. والحل كان هو ادِّعَاء الوالد بأنه مريض جداً ويريد رؤية ابنته، وفعلا أدخلوه إلى المستشفى وقام بالاتصال بها عدة مرَّات وهي في باريس، إلى أن وافقت على المجيء إلى طرابلس. وما أن هبطت من الطائرة حتى وجدت حولها رجال المخابرات المصرية الذين ساقوها بالقوة إلى طائرة جاثمة في مطار طرابلس متوجهة إلى القاهرة. حين علمت إسرائيل بالقبض على هبة سليم، قامت بالضغط على الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، لإطلاق سراحها أو تخفيف حكم الإعدام عن طريق تبليغ السيد هنري كسينجر خلال محادثات السلام مع إسرائيل رسالة رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك جولدامائير للرئيس السادات. إلا أن السادات كان قد أصدر أمره بإعدامها سراً لمدير المخابرات الحربية وخلال نصف ساعة وفي نفس اليوم الذي طلب منه كيسنجر ذلك. علماً بأن هبة سليم كانت على ثقة كامله بأنها سوف لا تعدم لأن جهاز الموساد وغيرها من المنظمات العالمية تدعمها كما أعلمها بذلك رجال الموساد وكما ذكر مأمور السجن. وتم إعدامها في ريعان شبابها عام 1974 وكان عمرها سبعاً وعشرين عاماً، وهي من مواليد 1947(74 -47 = 27). قال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت: 41)).