بقلم سماح الربيحات
أجْسَادَهُنّ أشبَهُ بِساحاتِ حَربٍ مُخَلفةٍ بالهزِيمة.. مقموعة مِن الإنتصار، جُلودَهُنّ تَإنُ وتَشتَكي أَلمَ القِتال.. تَقطُنها الشَظَايا غَير آبِهَةٍ لِقَتَمةِ لَون الدَم المُتَسمِر فَوقَ عُروقها.
آذانُ النُوافذِ والجُدرانِ باتت تَنفَجرِ أَلماً لِشدة كِتمانِها لصُراخِهنّ المَعقود بِحِبال الخَوفِ لِئلا تَنال مِنهنّ سِواط الجُناة في حال سَمع أحَد بُكائهنّ وأَلمهنّ, وأين!.. في أَكثر الأماكِن أماناً، في بِيوتِهنّ وَغُرف نومِهنّ.
فَتَيات ونِساء أعمَارُهُنّ تَمضي خريفاً، يُسلَب مِنهُنّ الإطمِئنان وتِزرع في قوارِيرِهنّ بذور الخَوف على يَدِ آبائِهنّ أوإخوتِهنّ أو أزواجِهنّ ولا تُستَبعد أَيّدي فَلذَات أكبَدِهنّ مِن الشُبهات أيضاً.
هُنّ ضَحايا لأكثر الجَرائم بَشاعة على الإطْلاق، جَريمة تتشابه بقسوتها وتجردها صحراء سيناء، لا يَطولك مِن حَرّها إلا الظمأ، ومِن بردها إلا الخوف والنّحيب، تُشبه بشراستها ولُئمها فكوك الوحوش المتسكعة في دُجا الليل باحثةً عن لُقَم طرية تَغرس أنيابها بها لتمزقها إرباً مُخَلِفة وراءها جُثث هامِدة تقتات عليها الطُيور الجائعة.
في وسَطِ الصَحراء سَتجد نبات الصّبار يَقِف هُناك، لِسّان حَاله يَشكو قَسّوة المَعِيش وذُل التَحمل وأَلم الظُروف الصّعبة التي تَفرِضُها عَليه الصحراء، لَن تَنتظر مِنه أن يَكون مُحملاً بِالثَمر ولا أن تَكسوا الأزهار المُلونة جَسده الشائك. كُل ما يمكنه فِعله لِيُقاوم قَمع الصحراء ويحافظ على حَقهُ في العَيش، أن يَفرش في صّدر الأرض القاحلة جذورهُ باحثةً عن الماء المُخبأ هناك.!
وسيكون على نبات الصّبار حَبّك ألف حِيلة وحِيلة ليتفادى بها حماقة الصحراء!