انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة شهادة جاهات واعراس الموقف مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

الطراونة يكتب: لسانك حصانك

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/04 الساعة 10:15
حجم الخط

بقلم د.عيسى الطراونه

من الظواهر السلبية التي أصبحنا نعاني منها، وبدأت تنتشر حتى وصلت إلى حد الإغراق سمة التسرع في الحكم على الآخرين والأشياء بحق وبلا حق، وبطلب وبغير طلب، وكأنها عادة أو رغبة لا يملك المتسرعون بالأحكام سواها، وإن أكبر دليل في تلك الأحكام المتسرعة لا يرقى إلى أن يكون أكثر من حدس أو مجرد إحساس، بل وصل الحد في بعض الأحيان إلى أن تطلق الأحكام جزافاً لمجرد اختلاف القناعات، أو لأن الشكل والملامح لم تعد تعجب.

لذا غالبا ما تجد هذه الفئة بعد أن تنضج الأمور ويهدا غبارها أنها وقعت في حرج كبير وعليها تقديم الاعتذار.

وفي هذا الصدد أذكر قصة المزارع الذي كان يعيش في قرية صغيرة ويُعدّ من أثريائها؛ لأنه يمتلك حقلاً وحصانًا قوياً، فقد اعتاد أهل القرية إخبار هذا المزارع كم هو محظوظ لامتلاكه هذا الحصان الذي يستطيع حرث المزيد من الأرض والحصول بالتالي على إنتاج أكبر، ولأنه كان رجلاً حكيمًا فإنه لم يكن يعلّق على تلك الآراء، ولم يكن يفعل شيئاً أكثر من الابتسامة والإيماء برأسه فقط! اختفى الحصان القوي فجأة، فجاء الجيران لمواساته: «يا لك من مسكين، كيف ستدبر أمورك دون حصان؟!».

أومأ لهم برأسه مع ابتسامته الخفيفة المعهودة وما هي إلا أيام حتى عاد الحصان ومعه حصان ثانٍ، أصبح لدى المزارع حصانان، فقالوا له: «يا لقوة حظك؛ هرب حصانك العتيق ليعود بحصان شاب!»، وككل مرة.. اكتفى بالتبسم والإيماء!.

في الشهر التالي، سقط ابن المزارع من فوق الحصان الجديد وكُسرت ساقه، هرع إليه الجيران: «ليتك لم تمتلك الحصان الثاني، لقد تسبب في كسر ساق ابنك، من سيساعدك في العمل؟!» .

وكالعادة تبسّم دون أي كلمة!. أسابيع قليلة واندلعت الحرب في المنطقة، أخذوا كل شباب القرية للتجنيد، إلا ابن المزارع المصاب، عاد الجيران ليخبروه كم هو محظوظ بالحصان الجديد؛ لأنه كسر ساق ابنه!.....

لن تنتهي القصة طالما هناك متسرعون بأحكامهم جاهزون للنطق بالحكم، ولن نتوقف عن المضي نحو أهدافنا طالما امتلكنا ابتسامة ذلك المزارع.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/02/04 الساعة 10:15