أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الثورة الصناعية الرابعة ومهن ومهارات الغد ودور الجامعات

مدار الساعة,مقالات,الملك عبدالله الثاني,الذكاء الاصطناعي
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم عبدالله فارس العلاونة *

"ان بلدي يؤمن بذلك بشدة، حيث يبهرني الشباب الأردني بطاقاتهم وأحلامهم الطموحة. فمنهم المبرمجون والمبتكرون، والرياديون وقادة الغد. إن الاستثمار في مواهبهم التي لا تعرف الحدود هو استثمار في مستقبل مشرق لمنطقتنا وعالمنا……. بلدنا موطن للمشاريع التي يقودها الشباب، والتي تستمر في تغيير وجه الاقتصاد في منطقتنا وفي الخارج. ورغم أن الأردنيين يشكلون 3 % فقط من سكان العالم العربي، فإنهم يمثلون 27 % من أفضل الرياديين والمبدعين فيه".

الملك عبدالله الثاني

الجامعات هي الانطلاقة الفعلية والأساسية في تطوير مهارات الأجيال القادمة، لأنها تنقل الاتجاهات التقنية الجديدة، وذلك عن طريق إعادة تدريب القوى العاملة وتحديثها وتحويلها".

“الثورة الصناعية الرابعة" هي التسمية التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، عام 2016م، على الحلقة الأخيرة من سلسلة الثورات الصناعية، وتتميز الثورة الصناعية بدمج التقنيات التي تطمس الخطوط الفاصلة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية، من خلال اختراق التقنية الناشئة في عدد من المجالات، بما في ذلك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، و blockchain ، وتقنية النانو ، والتقنية الحيوية ، وإنترنت الأشياء ، والطباعة ثلاثية الأبعاد ، والمركبات المستقلة، وغيرها , من العلوم والمفاهيم التي أصبحت أساسية بمواكبة العالم والمضي نحو عالم رقمي بعيدا عن العلوم التقليدية التي أصبحت متهالكة في هذا العالم الرقمي الجديد...

تتسم الثورة الصناعية الرابعة، بالتكامل التقني للأنظمة الفيزيائية الإلكترونية (CPS) في عملية الإنتاج. والتي تُمكن من التواصل عبر الإنترنت مع جميع المشاركين في عملية الإنتاج وخلق القيمة. إن الثورة الصناعية الرابعة تغير من أسلوب معيشتنا وعملنا وطرق تواصلنا.

الثورة الصناعية الرابعة، هي تحول أنموذج العمل بالكامل.، حيث تقوم الثورة الصناعية الرابعة على العديد من التقنيات، والتي من أهمها الذكاء الاصطناعي والتي تجعل الآلات ذكية. تعتبر الآلة ذكية إذا كان بإمكانها تحليل المعلومات واستخراج رؤى تفوق ما هو واضح. بمعنى آخر، تصبح الآلات فوق طاقة البشر وتبدأ في تغيير الصناعات بأكملها. وذلك حسب مقال، نشرته مجلة "نيويورك تايمز" بعنوان " كيف نوقف الذكاء الاصطناعي الخارق، قبل أن يوقفنا

مسئولية الجامعات تجاه إعادة تشكيل مهارات الشباب والمناهج العلمية في ظل الثورة الصناعية الرابعة

إعادة تدريب االشباب وتطويرهم وتحويلهم هي أفضل استراتيجية للبقاء ومواجهة الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل. فالمشهد العالمي ينضح بتغيرات جذرية، وذلك بتغير المسارات الوظيفية بشكل كلي، وسوق العمل يتحول نحو الوظائف المختلطة التي تجمع بين العديد من المهارات مثل التسويق وتحليل البيانات، أو التصميم والبرمجة. والسؤال الملح الذي يواجهنا هنا، كيف تنجح الجامعات في إعداد خريجين قادرين على العمل في بيئة الأعمال التي خلقتها الثورة الصناعية الرابعة؟ وحيث من المتوقع أنه، وبحلول عام 2022، أن يبلغ متوسط ساعات العمل التي يؤديها البشر 58 في المائة مقابل 42 في المائة بواسطة الآلات، ومن المتوقع أن يكون الطلب في سوق العمل للمهنيين الذين لديهم مزيج من العلوم والتقنية مع العلوم الإنسانية والاجتماعية.

في ضوء المعطيات السابقة، ونظراً لأن الجامعات هي الكيان الذي يقع على كاهله المسئولية الأكبر في تزويد المجتمع بالخريجين المؤهلين للوظائف والأعمال التي تتطلبها احتياجات سوق العمل، فمن الطبيعي أن تلعب الجامعات دوراً حيويا من أجل تطوير مهارات الأجيال المقبلة أثناء عملية الانتقال إلى الأعمال التقنية الجديدة. وهذا يتطلب إعادة هيكلة القوى العاملة للمؤسسة الجامعية وتطويرها، يتطلب ذلك أيضًا أن تشارك الجامعات القطاع الخاص لضمان توافق برامجها البحثية مع احتياجات العالم الحقيقي، وبما يمكن أن يدعم نمو الأعمال والتنمية الاقتصادية.

أليات تعامل الجامعات مع مستجدات الثورة الصناعية الرابعة

كشفت دراسة استقصائية عالمية أجرتها شركة Qlik أن 21٪ فقط من الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا) يعرفون البيانات ، مما يعني أن التعليم الذي تلقوه حتى الآن لم يؤهلهم لمكان عمل يعتمد على البيانات. يجب على الجامعات دمج التدريب على البيانات في التدريس وجعله أولوية رئيسية.

بدأت العديد من الجامعات في العمل مع الشركات ودمج المهارات الجديدة التي يحتاجونها في المناهج الدراسية. يشترك العديد من أرباب العمل أيضًا مع الجامعات لتطوير برامج تعليمية مخصصة لموظفيهم لإعدادهم لفرص العمل الناشئة، من خلال طرح التساؤلات التالية: ما أفضل طريقة لتصميم مناهجنا، وبحيث تناسب احتياجات الشركات؟ كيف نساعد الشركات على التكيف مع بيئة العمل المتغيرة وبشراسة لم يسبق لها مثيل؟

هذه الأسئلة تعكس بعض التحديات الكبيرة التي تواجهها الجامعات. جزء من الحل ينطوي على إعادة التفكير في طريقة إعداد برامج الدرجات العلمية، وحيث يرغب الطلاب في امتلاك خيارات حرة للدورات التعليمية، بعد الانتهاء من المساق الأكاديمي الذي تقدمه الجامعة، وذلك من أجل اكتساب مجموعة واسعة من المهارات، ويريدون خيارات أكثر مرونة للتعلم والوصول إلى المحتوى عن بعد. الجامعات بحاجة للرد على هذه الاحتياجات، وتأمين التعليم الملائم للطلاب، وبما يضمن وجود فرصة لهم للعمل في الوظائف الناشئة.

  • "كيفية إعداد العاملين للتحول الرقمي في الثورة الصناعية الرابعة: تجارب من أوروبا

على التغييرات في مكان العمل، وضرورة اتخاذ نهج تدريبي موجه نحو المختبر، والذي من شأنه إعداد العمال لعصر العمليات الرقمية. ، بالرغم من كون أن من صاغ مصطلح "الثورة الصناعية الرابعة “، هو رجل الاقتصاد الألماني "كلاوس شواب" ـ إلا أن ألمانيا تعاني من نقص في المهارات. واللافت للنظر أن معدل البطالة حوالي 4٪ في ألمانيا، إلا أنه لا يوجد عدد كاف من العمال الأكفاء، من أجل التشغيل الآلي، والذي يحتاج إلى عمال مهرة. " وأن الإنتاج وخدمات التصنيع تخلق الكثير من الوظائف، وهذا يعني أن الرقمية خلقت وظائف جديدة.

  • إعادة تشكيل مفهوم التعليم والتوظيف وريادة الأعمال

التعليم هو الأداة الأساسية لربط الناس بمكان العمل. إنها لبنة أساسية تُستخدم للمساعدة في التوظيف. العمالة، بدورها، هي القناة التي تسمح للناس بأن يكونوا مستقلين اقتصاديًا وأن يلعبوا دورًا نشطًا في الاقتصاد. ومن الواضح أنه في سياق الثورة الصناعية الرابعة، فإن السبل التقليدية للتوظيف تتعرض للتحدي من خلال رقمنة مكان العمل. في بعض الصناعات، تتآكل القوى العاملة بسبب تكامل تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.

إن إعادة تشكيل مفهومنا للتعليم والتوظيف وريادة الأعمال يمكن أن يلعب دوراً حاسم الأهمية في السماح للناس ببناء مهن وأعمال تجارية ناجحة، لا تهددها هذه التقنيات الجديدة.

ففي فترة سابقة، كان التعليم تقليديًا أحاديًا، وكلما تقدم الشخص في دراساته، أصبحت هذه الدراسات أكثر تركيزًا وتضييقًا. بعد ذلك يحصل الناس على مجموعة من المهارات المتخصصة الضيقة من جامعة أو كلية أو برنامج تدريبي، وهذا يؤهلهم للقيام بعمل في مجال اهتمام محدد. كان التصور أن الشخص الأكثر تخصصًا هو أكثر قيمة من الناحية الاقتصادية. في سياق الثورة الصناعية الرابعة، هناك طلب على الأشخاص متعددي التخصصات، والذين يطلق عليهم (T-shaped person) الشخص الذي على شكل حرف T ، هو شخص قادر على أشياء كثيرة ، بمعنى آخر، شخص لديه معرفة متعمقة بمجال معين ، ولديه معرفة كافية في مجالات أخرى خارج تخصصه . تساعد المهارات التي يكتسبونها خارج مجال تخصصهم على امتلاك معارف تمكنهم من إثراء مجال خبرتهم.

ولكي تساعد الجامعات الطلاب على الاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة، سيتعين عليها العمل على توسيع نطاق مهاراتهم والتعرف على هذه التقنيات الجديدة.. التقنية لا تجعل الناس خارج السياق فقط، ولكنها تغير شروط ومتطلبات الحصول على الوظائف، وقد أصبح هناك شرط مسبق غير معلن وهو أنه يجب أن يتمتع الأشخاص بمستوى معين من الكفاءات في مجال الحوسبة والكمبيوتر قبل دخولهم إلى مكان العمل. اليوم، سيكون هناك أيضًا متطلبات مسبقة جديدة لمكان العمل، لأن التصنيع يشكل قطاع التوظيف.

تكمن فائدة الثورة الصناعية الرابعة في أن لدينا مجموعة واسعة من خيارات التقنية للاختيار من بينها، blockchain

موظفو المستقبل هم الشباب الرياديون،

حيث سيكون الموظفون الذين لا غنى عنهم في الثورة الصناعية الرابعة هم من يتمتعون بمهارات واسعة ومتكاملة. فكلما زاد دمج التقنيات في الأعمال التجارية والإنتاجية، سيكون على الموظفين أن يكونوا قادرين على التعامل مع المهام الجديدة التي سيخلقها الدمج. يمكن تحقيق ذلك بطرق مختلفة؛ فقد يكون لابد للمحامي أن يتعلم تقنية الترميز و blockchain لتنفيذ العقود الذكية، أو قد يكون على مسئول العلاقات العامة أن يتعلم البرمجة أيضاَ ليتكمن من عرض وإنشاء وإدارة صفحة وسائط اجتماعية لشركتهم للمساعدة في زيادة مبيعاتها. ستتحول الشركات إلى هيكل تنظيمي مستقر، وبالتالي من المتوقع أن يلعب كل موظف دورًا أكثر نشاطًا ومشاركة في المؤسسة التي يعمل بها.

الشيء المبشر، هو أن الثورة الصناعية الرابعة تجعل تطوير المهارات عملية أكثر سلاسة ويمكن الوصول إليها. من خلال الكثير من الوسائط مثل محرك البحث Google والدورات التدريبية المفتوحة على الإنترنت (MOOCs) و Edx و Coursea والبودكاست ومقاطع الفيديو على YouTube ، يمكن الوصول بسهولة إلى كم لا متناهي من المعرفة.

التزامن الحقيقي مع هذه الثورة الصناعية الجديدة هي أن نلتزم جميعا بأعادة تدوير العملية التعليمية من المناهج الأساسية للمراحل التعليمية منذ البداية , وحتى أن يصل المتعلم الى المراحل الجامعية ودخوله الى سوق العمل، وهذا النهج لا يأتي دفعة واحدة , اذا علينا العمل على المنظمة التعليمية والفكرية والأجتماعية , وتفعيل دور القطاعات المتعددة الشريكة بهذا المشروع " مواكبة الثورة الصناعية الرابعة "

الأمية لم تصبح مختصرة على القراءة والكتابة وتعلم اللغة الأنجليزيه , اصبح مفهوم الأمية بزمن الثورة الصناعية الرابعة , وهو عدم القدرة على فهم علوم ريادة الأعمال وانترنت الأشياء ومواكبة العالم الرقمي الجديد .

وفي الختام استطيع القول أن شباب الوطن يحتاج الأدوات والطريق الصحيح الذي يجب علينا جميعا البدء بالمناهج التعليمية بكل مراحلها وتحديد طرق تقديم المعلومة بالطريقة الصحيحة والوقت المناسب

* أستشاري بريادة الأعمال

مدار الساعة ـ