أصبحت عملية نشر الأبحاث في مختلف المجالات في هذه الأيام تجارة مالية بحته، كغيرها من مراحل التدريس المختلفة من حضانة ورياض أطفال وإبتدائية وإعدادية وثانوية وحتى الجامعات.
كل ما ذكرنا يخضع لما يسمى الـ Quacquarelli Symonds(QS) تصنيف الجامعات العالمي QS World University Ranking وهو تصنيف سنوي لأفضل 800 جامعة في العالم تنشره شـــ ـركة كوكواريلي سيموندس المُخْتَصَة بالتعليم.
كما أن هناك تصنيفات أخرى موجودة في العالم حول التعليم بكل مراحله ولكن للأسف الشديد أن بعض الجهات التعليمية والمجلات العالمية لنشر الأبحاث بمختلف التخصصات إستغلت هذا التصنيف للفائدة المالية البحتة.
فبعض المجلاَّت صَنَفَت نفسها QS1 و QS2 و QS3 و QS4 وكل تصنيف له تعليماته المختلفة لإعداد الأبحاث في المجالات المختلفة لقبول نشرها في المجلاَّت التابعة لتلك التصنيفات.
بإختصار يتم التلاعب في التعليمات لكل تصنيف من ناحية شروط كتابة عنوان البحث بأية حروف وحجم تلك الحروف، وترتيب أسماء المؤلفين عموياً أو أفقياً وحجم حروف أسماء المؤلفين وحجم حروف العناوين والبريد الإلكتروني الخاص بهم.
وهوامش الصفحات وهل البحث يكتب بكل صفحة عمود واحد أو عمودين وحروف الملخصات وناوين وترقبم أجزاء الورقة والأشكال وكيف وضعها في نصف الصفحة أو العمود أو على يمين الصفحة أو العمود أو على يسار الصفحة أو العمود.
وحجم حروف المراجع ... إلخ من شروط يتم تغييرها من تصنيف لآخر من أجل التمييز بين التصنيفات من QS1 إلى QS4 ومن أجل القول أن تصنيف QS1 أعلى من تصنيف QS2 أو QS3 أو QS4 ولهذا يتم تقاضي تكلفة النشر العلمي في مجلاَّت التصنيف الأعلى أكثر من الذي يليه.
فبصراحة نعتقد أن هذه الشروط التي توضع في هذه التصنيفات مثل أدوات علبة التجميل عند النساء وكما قال المثل العامي: شو بدها تعمل الماشطة في الوجه العكر.
أي الأهم من كل هذه الشروط هي طبيعة وأهمية البحث ونتائجه وماذا ستجني الإنسانية والعالم أجمع من نتائج هذا البحث وليس جماليات ورقة البحث أو الأشكال أو الجداول أو غيرها مما يعرض في ورقة البحث.
رحمكم الله يا إبن سينا والرازي وإبن الهيثم وإبن طفيل وإبن النفيس وعباس بن فرناس ... إلخ من علماء المسلمين وكيف كانوا يكتبون أبحاثهم ونتائجها وعلى أي نوع من الورق وبأي شكل من الحروف ... إلخ. ولا ننسى العلماء الأجانب أيضا الذين قدموا الكثير الكثير من الإختراعات للإنسانية أمثال تيم بيرنز لي، جيمس واط، توماس أديسون، ماركوني، جوزيف نيكولاس، ألفريد نوبل، وألكسندر فلمنغ... إلخ وحديثا بيل جيتس ومارك زوكربيرغ وكيف قاموا بأبحاثهم وكتابتها ونشرها؟!.
فيا حبذا أن نُرَكِّزَ على محتوى البحث وأهميته للإنسانية أجمع، وبعد ذلك على المسؤولين في المجلاَّت الناشره وفرق عملهم ترتيب البحث بالطريقة التي تراه مناسبه وتقوم بتصنيفه التصنيف الذي يليق به ما دام أنهم يتقاضون تكاليف نشر الأبحاث وليس عليهم فقط أن يأخذوا البحث جاهزاً.
وأن لا يُتْرَكَ المؤلفون هم الذين يختارون التصنيف كما يشاؤون ويدفعون التكلفة.
فهناك أبحاثاً ممتازة لمؤلفين ولا يوجد عندهم إمكانات دفع تكاليف نشر البحث في التصنيف العالي فهل تؤخذ قيمة بحثهم من التصنيف الذي ينشرون به وفق إمكاناتهم؟. من هذا المنطلق قلنا أن نشر أوراق الأبحاث المختلفة أصبحت تجارة مالية بحته.