انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

صدمة الرواتب وتساؤلات مشروعة

مدار الساعة,مقالات,المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي
مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/27 الساعة 00:50
حجم الخط


الكاتب: كمال زكارنة
اعتقد الاردنيون لفترة من الزمن ان الرواتب الفلكية من نصيب مجموعة قليلة من علية القوم ربما لا تتجاوز اعدادهم قوام سرية او شعبة صفية او حمولة باص كوستر، لكن بعد ان ازيح الستار عن جزء قليل جدا من الحقيقة، تبين ان ظاهرة الرواتب الفلكية تتجاوز تلك الاعداد بكثير مما كان يعتقد غالبية المواطنين، وتنحصر في طبقة محددة لا يمكن للناس العاديين اختراق سقفها الفولاذي.
عندما يعلم المواطن الاردني ان مديرا او مسؤولا في شركة معينة او مؤسسة او اي مكان يعمل به، يتجاوز الثلاثمائة الف دينار سنويا اي ما يعادل مجموع رواتب 1230 موظفا يتقاضون الحد الادني للاجور البالغ 260 دينارا، اي ان مجموع رواتب ذلك المحظوظ، تساوي مجموع رواتب موظفين وعاملين في اكثر من عشر قرى وبلدات اردنية، فمن حق المواطن الاردني ان يلطم وينتف شعره ويتساءل مليون تساؤل، وهو يعلم ايضا ان مثل هذا الراتب واقل منه بقليل واكثر منه بكثير يحصل عليه كثيرون غير ذلك المسؤول،في العديد من المؤسسات الحكومية والمستقلة والخاصة.
السؤال المطروح بقوة، ماذا يقدم اصحاب الرواتب الفلكية للاردن وللشعب، لو اجرينا مقارنة وقسنا حجم الراتب بحجم الانجاز، فان اصحاب الرواتب العالية يجب ان تسمع بهم وعنهم شعوب الهند والصين والبرازيل وغيرها، ويجب ان تتحدث عن انجازاتهم ونجاحاتهم وبراءات اختراعاتهم، وان تكون عطاءاتهم للوطن المادة الرئيسية لاغاني الاعراس الوطنية والشعبية، وان ينافسوا المرحومين وصفي التل وهزاع المجالي وعبدالحميد شرف وسليمان النابلسي في الشعبوية، لكن للاسف لم نسمع عنهم شيئا بل سمعنا فقط عن رواتبهم وطحنهم لقوت البؤساء والفقراء والمسحوقين.
من الاحق بمثل هذه الرواتب، اؤلئك الذين يمضون جلّ وقتهم في السفر وفي المكاتب الفارهة، ام عامل الوطن ورجل الامن والعسكري والمعلم، الا تتذكرون ذلك المحتاج الذي دسّ يوما معجون الحلاقة في جيبه، الا يستحق هو وامثاله هذه الرواتب، الم تعلموا بأن البعض يمد يده لبطاقة خلوي،اليسوا هؤلاء احق بتلك الرواتب؟
كيف تصمت وتقبل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي المؤتمنة على اموال الاردنيين المسحوقين بأن تتعرض استثماراتها لمثل هذه الاعتداءات، ليس فقط في تلك المؤسسة التي قصمت ظهر البعير، بل في مؤسسات اخرى مشابهة كثيرة
لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد عندما يطالب المتقاعدون من مسحوقي الرواتب والعاملين ايضا بزيادات على رواتبهم،علما بأن مجموع رواتب احدهم كاملة لا تعادل البقشيش الذي يقدمه صاحب راتب فلكي عندما يحتسي فنجان قهوة او يتناول غداء في مكان ما.
ماذا يقول المواطن عندما يعلم بأن كلفة اقتناء كلاب في مزرعة احد المسؤولين الكبار تعادل مصروف بلدة اردنية بأكملها، فما بالكم بكلفة اقتناء الخيول.
الانفلات في الرواتب بهذه الارقام الخيالية يعمق ويوسع الفجوة بين المواطن والمسؤول، ويؤدي الى تضييق مساحة الثقة بينهما، ويفتح عيون الناس على اشياء تبتزهم وتستفزهم.
المطلوب اعادة النظر بوجود المؤسسات المستقلة، كما ان المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مدعوة لاعادة النظر ومراجعة استثماراتها في العديد من المؤسسات الخاسرة والانسحاب من بعضها على الفور، اذ لا يجوز الاستمرار باستنزاف اموال المواطنين من اجل تنفيعات بعض الاشخاص، والمسؤولية الاكبر تقع على الحكومات المطالبة بمعالجة واصلاح هذا الخلل الكارثي.

مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/27 الساعة 00:50