انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

فايز الفايز يكتب: مطلقة تبحث عن زوج فاحذروها

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/26 الساعة 00:47
حجم الخط

كتب: فايز الفايز

مرت أمس الذكرى العاشرة لثورة 25 كانون ثاني المصرية بكل هدوء، تاريخ لن ينساه العرب لأول ثورة ضد رئيس أكبر دولة عربية جلس على عرشها 29 عاما، لم تعطه درساً كافياً ليستمتع بتقاعد يضمن له شيخوخة محترمة يكتب فيها صفحة واحدة عن إنجازاته لـ "أم الدنيا"، ولكنه أبىّ إلا أن يتمترس خلف قضبان المحكمة التي جيء به اليها على سرير يثير الشفقة، الرئيس الراحل حسني مبارك ذهب كورقة صفراء نزعها الريح من أعلى غصن في الشجرة الباسقة، إنها مصر التي لم يحكمها المصريون إلا منذ عام 1953.

عشر سنوات أيقظت ثورات النقمة على الوضع السياسي والاقتصادي والحريات في العالم العربي، وقبل أن ينتظر العالم نتيجة الثورة، وقعت أول دولة عربية في أيدي الشعب، وضاعت الطرق بحاكميها عبر عشرات السنين، ثم جاء الدور على تونس بيت النار الذي لم يكن أحد يحسب حسابها، حتى جاءت شرطية لتقلب بقدمها عربة خضار يقتات منها محمد البوعزيزي، ولم تدر أنها قلبت عرش الرئيس زين العبادين بن علي ثاني حاكم لتونس بعد بورقيبة، فحرق بوعزيزي نفسه واندلعت الثورة ليظهر ضعف بن علي ويفرّ من قصره وأرضه ووطنه هاربا.

عشر سنوات لثورة أكلت من لحوم الشعوب العربية واغتسلت بدمائهم، وحطمت رؤوس حكام لم يكن يتخيل لأي شمشمون عربي أنها ستطيح بهم، فقتل الرئيس معمر القذافي مسحولا على أيدي مواطنيه، ليظهر مستجديا رعاعا وشباباً لم يدركوا ماذا سيجري بعد سنة أو أقل أو أكثر ببلادهم،فقتل برصاصة لم يعرف مصدرها الحقيقي، وعادت ليبيا أسوأ مما كانت عليه زمن الاحتلال الإيطالي، حيث هناك مستعمر وهناك ثوار أبطال.

كانت الدول العربية في شمال القارة الأفريقية محصنة حتى ذلك التاريخ من الثورات على الأنظمة والقيادات، لأسباب أهمها السلطة المطلقة للقادة وولاء الجيوش للرؤساء وخشية الشعب من الإنتقام ضدهم، ورغم الثروات الهائلة التي تزخر بها تلك البلاد ،كان الفقر والحاجة وتراجع معدلات النمو واضحا،ولكن الجيل الجديد لم يخلق لما كان عليه آباؤه، فالعالم أصبح شاشة واحدة يشاهدها الصغير والكبير، ولم يعد خافيا عليهم أي أسرار تتحكم بها سلطات دولهم.

الثورة هي الزوجة الوفيّة للكثير من عمالقة التحرر الأممّي والوطني، لم تبدأ مع البلاشفة ولم تنته عند المصريين، بل أنجبت العديد من الثورات على يد أبناء دول كثيرة ومنها العالم العربي، ولكن ما جرى من إنحراف لمبادىء الثورات جعل النفور منها عاجلا، فليس هناك قيادات حقيقية تسعى للحفاظ على منجزات التاريخ وحماية هيكل الدولة، ولهذا طلقها الكثير ممن كانوا يركبون على ظهور الجماهير الغاضبة لمكاسبهم الخاصة.

الثورة باتت اليوم مطلقة تبحث عن زوج ليعيد لها نشاطها، وهذا ليس بالمستبعد في عالمنا العربي الذي لا يتعلم من دروس التاريخ، وكلما قلنا عاد القوم الى رشدهم، تعود اليهم حليمة بعاداتها القديمة، بل أكثر من ذلك، يستنجد الثائرون بجند أعداء الأمة ليسيطروا على أنظمتهم، كما حدث في سوريا واليمن إذ قتلوا رئيسهم علي عبدالله صالح، ولو قارنا المكاسب بالخسائر لوجدنا أن عشر سنوات كانت كافية لتعيد عالمنا العربي الى عصر ما قبل النفط واستشراء الفساد والجوع والنقمة، وهذا مؤشر خطير يستدعي إعادة بناء أنظمتنا على أساس عادل وسوي.

Royal430@hotmail.com

مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/26 الساعة 00:47