بقلم : الدكتور انور العتوم
مثلت القمة الخليجية التي احتضنتها مدينة العلا السعودية امس الخامس من كانون ثاني الجاري خطوة استراتيجية رائدة جاءت في ظروف استثنائية قد تكون غير مسبوقة.
وقد شكلت القمة التي عقدت على مستوى قادة دول مجلس التعاون الخليجي بعد وقت طويل من الانتظار، وتتويجا للجهود التي بذلها حكيم العرب المغفور له سمو الشيخ صباح الاحمد الصباح وخلفه سمو الشيخ نواف الاحمد الصباح، ولجهود قادة دول مجلس التعاون الخليجي الحكماء الساعين دوما لوحدة الصف الخليجي، شكلت نقطة انطلاقة جديدة واعدة في تاريخ العمل الخليجي والعربي المشترك، خاصة في ضوء التحديات التي تواجه منطقة الخليج خاصة، والمنطقة العربية بشكل عام.
وواقع الحال، فقد كان للقمة دلالات كبيرة وهامة، ابرزها:
- ايمان قادة مجلس التعاون الخليجي بحتمية التعاون بين دول المجلس.
- تصميم قادة المجلس على الحفاظ على مؤسسة المجلس واستمراريتها انطلاقا من اهمية الاهداف التي نشأت من اجلها قبل اربع عقود.
- إدراك قادة دول المجلس لخطورة المرحلة التي يمر بها العالم العربي، خاصة بعد تفشي وباء كورونا، وضرورة تظافر الجهود الجماعية لمواجهته.
- قناعة قادة دول المجلس بأنه لا مجال لمواجهة التحديات الخليجية، خاصة في ضوء تزايد العنجهية الايرانية في المنطقة، الا من خلال تنسيق العمل الخليجي والعربي المشترك.
على الصعيد ذاته، فقد تجاوبت دول الرباعي العربي (السعودية والامارات والبحرين ومصر)، وهي الدول المقاطعة لدولة قطر منذ اكثر من ثلاث سنوات لضغوطات بعض الدول العربية والقادة العرب التي كانت تدفع باتجاه اعادة العلاقات بين دول الرباعي العربية ودولة قطر.
في هذا الاطار، سعت القيادة الاردنية ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم لرأب الصدع بين الاخوة اطراف الخلاف، وكان موقف جلالته حكيما، حيث نظر للخلاف على انه خلاف بين اشقاء لا بد وان يتم حله في نهاية المطاف.
وبطبيعة الحال، فقد انعكس الخلاف ما بين قطر من جهة والسعودية والامارات والبحرين ومصر من جهة ثانية على الاردن...
وفي هذا الشأن، فإنه يمكننا القول إن القمة ونتائجها رفعت الحرج عن صاحب القرار الاردني بشكل كامل، لأن الاردن يسعى دوما للحفاظ على علاقات طيبة مع الجميع، كما انها منحت الدبلوماسية الاردنية مساحة واسعة من الحركة مع كافة دول الخليج العربي.
من هنا، فقد جاء رد الفعل الاردني سريعا على انعقاد القمة من خلال الترحيب في بيان لوزير خارجيته بانعقادها وما توصلت اليه من قرارات.
على الصعيد الاقليمي، جاء انعقاد القمة ليوجه رسالة لايران بأن مؤسسة القمة الخليجية باقية، وان الخلافات بين الاشقاء زائلة، وان الحكمة هي الحكم في علاقات دول الخليج.
ختاما، فإن التحديات التي تواجهها منطقة الخليج العربي ماثلة، وغير مسبوقة، وتحتاج الى المزيد من الجهود لتكون بحجم هذه التحديات التي تهدد المنطقة العربية برمتها.