انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن دوليات جامعات برلمانيات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مناسبات الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الصحافة والسيناريوهات المؤلمة

مدار الساعة,مقالات,الضمان الاجتماعي
مدار الساعة ـ
حجم الخط


محزن ومؤسف ومقلق ان نطالع على صفحات التواصل الاجتماعي استقالة تلو الاخرى لزميلات وزملاء لمعت وسطعت اسماءهم في ميادين العمل الصحفي بعد ان اجبرتهم ظروف صحيفتهم المالية الاولى في الوطن،على هذا الخيار الصعب الذي لم يخطر ببالهم يوما،لكنهم وجدوا انفسهم مضطرين للاخذ به قبل فوات الاوان والندم عليه لاحقا.
زملاء صحفيون عرفناهم وزاملناهم في الميدان،من ذوي الكفاءات والقدرات المميزة،يتنحون جانبا قبل وصولهم سن التقاعد وهم في اوج عطائهم وحماسهم واستعدادهم للعمل،وقد جمعوا من الخبرة سنوات طويلة تراكمت واصبحت قدرات مهنية يشار اليها بالبنان،ساهموا في حمل الرسالة التي تسلموها من الاجيال السابقة بكل امانة واخلاص وتفان،نراهم اليوم وقد التزموا الصمت وسكتت اقلامهم واصواتهم بسبب غياب الحلول الصحيحة والمناسبة لازمة الصحف الورقية،تلك الصحف التي شكلت خط الدفاع الاول عن الوطن ومصالحه ومصدرا مهما ورئيسا للاخبار والمعلومات للقراء وللبرامج المختلفة التلفزيونية والاذاعية خاصة تلك التي تلامس حياة المواطن اليومية.
الصحيفة الاولى تتعرض اليوم لنفس السيناريو الذي عانت منه شقيقتها قبل سنوات،وبدلا من البحث عن الحل المناسب يصدر حكما بالاعدام على الصحف،واللجوء الى الحلول السهلة والسريعة وهي الاستغناء عن الصحفيين والموظفين والعاملين بالترغيب والترهيب.
يبدأ تطبيق الخطوة الاولى بتقديم الحوافز والاغراءات المالية للمستقيلين،فاذا كان العدد غير كاف،تتبع الخطوة الثانية،بالاستغناء عن اصحاب العمل المزدوج،ومن ثم اصحاب العقود،ثم حسب سنوات الخبرة والاحالة الى التقاعد المبكر وهكذا الى ان يتم تخفيض الكادر الى ادنى حد ممكن وترشيق العدد كما يقول علية القوم.
كل الاجراءات التي تمت وتتم في الصحف،لن تكون كافية وسوف يتبعها سيناريوهات اخرى كما يتسرب من بعض الجهات المهمة من ابرزها،التحول الى صحف الكترونية ووقف الطباعة الورقية وهذا يحقق حسب رأي تلك الجهات،كثيرا من الترشيق الوظيفي والتوفير المالي،بحيث لن تعود الصحف بحاجة الى كل هذا الكادر الوظيفي ولن تكون رواتب الصف الاول فيها عالية كما هي الان،ولن تكون بحاجة الى مساحات واسعة من الابنية كما هو الحال الان،ولن تحتاج الى مجالس ادارات،ولا الى شراء الوق والاحبار واستخدام المطابع، وغير ذلك الكثير من التوفير.
السيناريو الثاني،انسحاب الضمان الاجتماعي كليا من الاستثمار في الاعلام الذي يراه خاسرا،وتسليمه الى القطاع الخاص ومنح هذا القطاع حرية التصرف في اطار القوانين والانظمة المعمول بها.
السيناريو الثالث الابقاء على الوضع كما هو عليه الان وبالحدود الدنيا من العاملين في جميع الاقسام الصحفية والفنية والادارية وغيرها،ومواصلة الاستغناء عن الصحفيين ب1ات الطرق والاساليب،وترحيل الازمة الى الامام من حكومة الى اخرى.
لقد وصل الصحفيون الى اوضاع مالية مزرية،رواتبهم متأخرة ومرصدة على كشوفات بعشرات الالاف لا احد يعلم ما هو مصيرها وهي مستحقات مالية لهم،ولا يمكن لاحد منهم ان يضمن استقرارا وظيفيا واستمرارا بالعمل والحصول على حقوقه المادية.
والسؤال المهم،ما هو مصير خريجي الصحافة والاعلام في السنوات القادمة،وما هو مصير كليات الاعلام في الجامعات الحكومية والخاصة،اين سيعمل الخريجون في هذا التخصص،بعد تحجيم اهم الصحف المحلية واغلاق ابوابها امامهم.
وما هو مستقبل الاعلام الوطني بعد التضييق على اهم وسيلتين اعلاميتين في البلد وتقليص كوادرهما ودورهما الاعلامي،وماذا ستقدمان للقاريء والمعلن،وما هو مصير من تبقى من العاملين فيهما،تساؤلات مشروعة ربما تجيب عليها المرحلة القادمة.

مدار الساعة ـ