انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

للحيطان آذان

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/22 الساعة 15:52
حجم الخط

بقلم: سيف الله حسين الرواشدة

اذكر جيدًا لقاءاتي القليلة مع القادمين من سوريا الى الأردن قبل أحداث الربيع العربي، وسؤالي الدائم لهم عن الأحوال عمومًا في بلادهم، وكانت الإجابة دومًا أن للحيطان والشبابيك آذانا تسمع حتى لو كنا خارج البلاد ولذلك فكل شيء بخير وعلى أفضل وأتم حال.
أحداث الربيع العربي التي بدأت في تونس قبل حوالي عشر سنوات، بإحراق بوعزيزي لنفسه، وانتقلت بعدها الي مصر وليبيا وسوريا وغيرها، لم تكن ثورات بالمعنى الاصطلاحي، فهي في تونس نجحت في تغيير رأس النظام لكنها لم تمس حواضنه الاجتماعية، فكانت آشبه بالتفاهمات والمفاوضات بين التيارات المختلفة، أما في مصر فقد كان انقلاباً عسكريًا أبيض على حسني مبارك لامتصاص الضغوطات الشعبية، وبقية القصة معروفة للجميع بكل تفاصيلها المشتبكة والانتهازية.

في الحالة الليبية بعد الإطاحة بالقذافي، بدل اعتماد الحوار بين التيارات المختلفة اتجهت البلاد نحو الحرب الاهلية التي اتجهِت بدورها لحرب بالوكالة بين القوى المتنافسة في المنطقة عمومًا، أما في سوريا فقد واجه النظام المتظاهرين بالقوة المفرطة، وبعدها أكملت التدخلات الأجنبية فصول الموت هناك، وغطت بشاعة الإرهاب على الجرائم التي تعرض لها السوريون العزل.

لم يكن لأحد قبل ٢٠١١ أن يتنبأ بالربيع العربي، ولا أن أجهزة حكمت أهلها بالحديد والنار قد تهتز أركانها في أسابيع قليلة، والمفاجأة الكبرى كانت أصوات الشعوب العالية التي كانت تخشى الهمس حتى لا تسمعها آذان الحيطان والشبابيك التي تقف خلفها أجهزة الاستخبارات والامن العاتية تطالب بالتغيير.

لعبت تطبيقات التواصل الاجتماعي التي خرجت وقتها عن سلطان مقص الرقيب المسيطرعلى وسائل الإعلام التقليدية دورًا مهما في نقل المعلومات والصور، كما في فتح باب النقاش والمقارنات بين الشعوب والاحوال التي تعايشها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وفي مراحل متأخرة ساعدت في تنظيم ولم شمل المحتجين في الشوارع والميادين.

الربيع العربي نجح في اغلاق الباب على فرضيات باطلة، مثل عدم استعداد العرب للديمقراطية، فالشعوب العربية خرجت وطالبت بحقوقها وكرامتها، وأغلقت ولو مؤقتا الباب على اللاعبين التقليديين في ساحاتها السياسية من ركوب الموجة واستغلال الموقف، كما أنها أبطلت سردية ثنائية الامن أو الفوضى التي اعتمدتها أنظمة عربية كثيرة سببا لشرعيتها، عندما طالب الشارع بالحرية والمساواة والعدالة، أسبابًا لبقاء الأنظمة الحاكمة.

الاحتجاجات، كانت مخاضا غير متوقع لكنه طبيعي لشعوب تعرف فساد حكوماتها جيدا، وتعاني من ضعف الخدمات وشبكات الامن المجتمعي التي توفرها، منذ ٢٠١١ تغير الكثير نعم، الا أن الضغوطات الاقتصادية زادت على الشعوب وزادت ارتدادات انتشار الوباء الاقتصادية الجوع اتساعاً، كما ملفات قمع الحريات ارتفعت حرارتها في كثير من بلادنا العربية، وكذلك أصبحت محاولات بعض الحكومات لإخضاع الفضاء الرقمي للرقيب جدية جدًا وفي أحوال أخرى احترفت الانظمة توجيه الرأي العام وتجييشه للاهتمام بقضايا معينة واهمال أخرى حسب المصلحة

هذا يجعل ملف الإصلاح الأكثر إلحاحا على طاولات الجميع أكثر من أي وقت مضى، وتحفيز المجتمع للاشتباك مع قضاياه تحت مظلة المجتمع القوي ضرورة للدولة القوية هو ما نحتاجه للسنوات القادمة..

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/22 الساعة 15:52