بقلم: الدكتور العقيد المتقاعد ظفار سلمان المعايطه
قراءة في تقرير المعهد الاوروبي للدراسات الامنية ( European Union Institute for Security Studies (EUISS))
يلعب مفهوم الشرطة المجتمعية (Community Policing ) دورا محوريا واساسيا في تطوير العلاقة واستقراها بين المواطنيين واجهزة الشرطة وان تفعيل هذه المفهوم يساهم بشكل فعال في الحد من الجريمة من خلال توثيق العلاقة مع المجتمع المحلي ويساهم في زرع المفاهيم الامنية التي تحد من التهديدات المستقبلية مثل تهديدات التطرف الارهاب.
صدر قبل عدة ايام ( نوفمبر 2020 ) تقرير عن المعهد الاوروبي للدراسات الامنية ) European Union Institute for Security Studies (EUISS) ) تقيما وتحليلا استند الى العديد من المراجع الدولية تحت عنوان (علاج العلاقة: تفعيل الاصلاحات للشرطة العربية) RELATIONSHIP THERAPY: Making Arab police reform work
التقرير جاء شاملا وشارحا لأوجه العلاقة بين أجهزة الشرطة والمواطنين، كما ابرز رؤية المواطن لجهاز الامن العام من خلال إستطلاعات واستبيانات لقياس الرأي وضحت ماهية العلاقة ثم تم اجراء مقارنات وفقا للنتائج بين اجهزة الشرطة العربية.
غطى التقرير أجهزة الشرطة في الدول العربية، الا ان نقص المعلومات نتيجة التباين في التشريعات وطبيعة الأعمال وحساسيتها وفق معايير كل دولة بات عائقا لإجراء كافة المقارنات التي توضح مدى تقدم الاداء الشرطي بالقياس مع المحيط العربي حيث التشابه من حيث الدين والعرق واللغة والعادات والتقاليد.
انشأ التقرير سياق العلاقة بين جهاز الامن العام والمواطنين حيث تم قياس هذه العلاقة وفق معايير واضحة ومحددة وتم قياس هذه العلاقة وفق اربعة عناوين
اولا: اعتماد المواطن على جهاز الشرطة للحماية
ثانيا: الثقة بين المواطن جهاز الشرطة
ثالثا: عندما يصبح الطرفين مصدر اللاأمن لبعضهما البعض
رابعا: تفعيل حكم القانون في العلاقة التي تربط اجهزة الشرطة بالمواطن
من خلال الجدول الذي يستعرض العلاقة بين اجهزة الامن والمواطن، نتوقف عند مستوى الثقة الذي وضح ان الاناث في الاردن (84% من العينة) اجابت انها لا تشعر بالأمن وكذلك عائلتها في التعامل مع الشرطة وهي الأسوء عربيا في مجموعة المقارنة.
الا ان العينة ذاتها تشعر بالامن عموما في مواجهة التهديدات الارهابية وتعتبر افضل النسب بمقارنتها بالدول العربية في ذات المجموعة.
اجابت العينة انها تشعر بالقلق من التهديد او التحرش اثناء وجودها في الاماكن العامة ( الاناث 36%، الرجال 6% ) وتعتبر الاردن الافضل في ذات مجموعة المقارنة.
اما فيما يتعلق بثقة المواطن بأجهزة الدولة حيث تمت المقارنة بين الجيش والشرطة والبرلمان والقضاء فقد قام معهد زغبي ( (Zogby Research Service في عام 2018 باجراء استفتاء والتي حل فيها جهاز الامن العام بالمرتبة الاولى متقدما على باقي المؤسسات في الاردن، حيث اجابت العينة على ان 63% من الاردنيين يثقون في جهاز الامن العام. الا انها بالمقارنة مع اجهزة الشرطة الاخرى في ذات مجموعة المقارنة اتت النتائج بعد الامارات التي حلت اولا بنسبة ثقة وصلت 96% والسعودية والسلطة الفلسطينية ولبنان.
فيما يتعلق بمؤشر مدركات الفساد فانه تم استطلاع العينة لمعرفة اوجه الفساد في اجهزة الشرطة، حيث اجاب 2% بأن دفعوا رشوة للعاملين في جهاز الامن العام (عام 2019) ، في حين ان 4% دفعوا مقابل الحصول على خدمة (عام 2017)، اما بخصوص التصور العام للفساد فإن 51% يعتقدوا بوجود فساد في جهاز الامن العام. اما الامارات كانت الافضل عربيا حيث اجاب 70% بانهم لا يتعقدوا بوجود فساد في الشرطة.
تطرق التقرير الى العلاقة بين الامن العام والمواطن ووصفها بانها علاقة متجددة، وتم تصنيفها ضمن فئة الدول ( الامارات، عمان، المغرب، تونس ولبنان ) التي تسعى الى الحفاظ على تطوير هذه العلاقة وتم الاشارة الى ان الاردن انشأ مكتب لحقوق الانسان لمعالجة قضايا عنف الشرطة ضد المواطنين. الا ان المأخذ على علاقة جهاز الامن العام بأنه لا توجد قنوات منضمة لتعزيز العلاقة مثل مؤسسات مجتمع مدني او منظمات غير حكومية
بالاطلاع على التقرير بمحمله فان على مديرية الامن العام السعي للاستفادة من مخرجات التقرير و ان تعمل على تطوير خطة متكاملة تؤسس لتحقيق مجموعة من المستهداف المستقبلية مثل الاداء والاحرافية، الثقة المتبادلة بين جهاز الامن العام والمواطن، تعزيز مفهوم الشرطة المجتمعية، معالجة ظواهر الفساد والرشوة والتحرش، الامر الذي سينعكس ايجابا على صورة جهاز الامن العام داخليا و خارجيا.