كان الله في عون وزير المالية لأن إعداد موازنة العام القادم عملية شاقة في ظل ظروف مختلفة وصعوبتها تكمن في أهدافها بتحقيق نمو يبلغ 5ر2% بعد انكماش بلغ 5ر3%.
لن يجد وزير المالية مشقة في استعراض أحداث العام الحالي اقتصادياً ومالياً، ليس فقط لأن الأزمة التي تسببت في هذه الضائقة الاقتصادية معروفة، بل إن عليه أن يتصرف على أساس أنها انتهت فهو مطالب بوضع أهداف طموحة للعام القادم ووسائل تحقيقها وقبل ذلك كله مصادر تمويلها.
وزير المالية مطالب بتدبير مال للوفاء بتعهدات الحكومة، إعادة صرف الزيادات المقررة على رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري، والتي قدرت بنحو 330 مليون دينار لعام 2020.
وتدبير المال اللازم لإعادة صرف المكافآت والحوافز والعمل الإضافي، وبدل النقل والتنقلات التي أوقفت خلال الأزمة وقدرت بنحو 125 مليون دينار ومخصصات شبكة الأمان الموسعة وحزمة دعم القطاعات المتضررة وموازنة الإنفاق الرأسمالي وما يعنيه ذلك للنمو الاقتصادي.
وهو مطالب أيضا بزيادة الإيرادات الضريبية من دون فرض أو زيادة ضرائب جديدة ومع أن إيرادات الضرائب تحسنت وارتفعت للشهور الثمانية الأولى بنسبة 8.94%، عن الفترة نفسها من العام الماضي لأسباب مبررة منها أنها تعكس نشاط العام 2019 فيما يخص ضريبة الدخل ومنها زيادة التحصيل من التسويات والملاحقات الضريبية وهي غير متكررة ولا تزال قضايا عديدة بأحجام مالية كبيرة لم تنته بعد ما سيرفع الحاصلات الضريبية لهذه السنة وللسنة القادمة بيد أن الحقيقة الثابتة هي التراجع الكبير في إيرادات الشركات والأفراد ما سيؤثر على الإيرادات الضريبية المباشرة وغير المباشرة والأخيرة تأثرت سلبا بالجائحة.
استعراض ما حدث في عام 2020 لن يكون محرجاً ولن يكون صعباً لكن بالرغم من المؤشرات السلبية فإن الأضرار على صعيد المالية العامة كانت أقل من التوقعات لكن مفعول الأزمة مستمر.
المشكلة التي ستواجه وزير المالية في إعداد موازنة 2021 لا تتعلق فقط بتداعيات وباء كورونا على الاقتصاد بل أيضاً حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في المنطقة وتوقعات ارتفاع أسعار البترول والغذاء.
حالة عدم اليقين تجعل الحديث عن التوقعات يمثل اجتهادات وتمنيات أكثر منه خططاً وبرامج لكن ما يخفف من هذه المهمة الصعبة هو أن كثيراً من التوقعات تأتي في باب التمنيات وهي مشوبة بحالة عدم اليقين، فنحن نعيش في ظروف غير مستقرة ما ينفع فيها هو إدارة الأزمة لكثرة المفاجآت.
الأنباء السارة تأتي في التصنيف الائتماني للاقتصاد ما يؤثر إيجاباً على كلفة الأموال المقترضة (سعر الفائدة) وهي بأسعار اليوم منافسة بالنسبة لسندات الأردن الدولية.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي