بقلم: زيد أبو زيد
كما وعدت الحكومة أعلن وزير التربية والتعليم الاستاذ الدكتور تيسير النعيمي عودة علاوات المعلمين وحسب نظام رتب المعلمين مطلع العام المالي الجديد2021، وبذلك تكون الحكومة قد أوفت بما التزمت به عندما أوقفت صرف العلاوات بعد صرفها لعدة أشهر نتيجة الآثار الكارثية لجائحة كورونا فيروس كوفيد19 على الاقتصاد الوطني والعالمي، وضرورة ضخ الأموال إلى قطاعات متضررة بشدة بفعل الجائحة، وفي مقدمتهم عمال المياومة وبعض القطاعات الإنتاجية المتوقفة تمامًا، وكذلك توقف معظم الإيرادات العامة من رسوم وضرائب وعائدات بالإضافة إلى نقص التمويل الدولي، وتوقف كثير من برامج المساعدات والمنح.
وجاء توقفت العلاوات في منتصف عام2020 على جميع القطاعات الحكومية التي استفادت من العلاوة، وعلى رأسها الأجهزة العسكرية والأمنية، والجيش الأبيض العامل في القطاع الصحي وكذلك المعلمين، وكان صاحب القرار يعي جيدًا أهمية هذه العلاوات في تحسين أوضاع العاملين، ولذلك كانت توجيهاته في ذلك للبنوك بوقف اقتطاع أقساط قروض الأفراد المتضررين، وعودتها في السنة المالية الجديدة دليل مؤسسية القرارات، وصدق النوايا الحكومية في التعامل مع أبناء الشعب، ولا شك في أن الأيام والأشهر القادمة ستحمل مزيدًا من تحسين أوضاع العاملين في الأجهزة العسكرية والمدنية عبر حزم متعددة لإنعاش القطاعات المتضررة.
أما صحيًّا، فمنذ الحالة الأولى المسجلة لفيروس كوفيد19 "كورونا" في نهايات العام 2019 - وهي البداية لأكبر كارثة وبائية في الألفية الثالثة والتي عرفت بجائحة فيروس كورونا- أصيب عشرات الملايين وتوفي الملايين أيضًا، ولكن بالرغم من ذلك فقد تناقلت وسائل الإعلام وألسنة البشر بكل الطرائق المتاحة ملايين الروايات تركز معظمها في البداية على جدلية هل الفيروس مصنوع أم مطبوع؟ وهل هو نتيجة طفرة جينية لفيروسات الطبيعة تطورت تلقائيًّا لتصبح بمثل هذه الشراسة أم فيروس رُكِّبَ في مختبرات وأُطلِقَ صدفة أم عمدًا؟ أما باقي المقولات فتراوحت بين مصدق أصلًا لوجود مثل هكذا وباء ومنكرًا له.
لقد انتشرت في الآونة الأخيرة كثير من المقولات المضللة كانت بسبب أخطاء سياسية في التعاطي مع الوباء، حيث فشلت كثير من دول العالم في توفير فحوص فعالة للفيروس في الأيام الأولى للجائحة؛ ما أخر معظم البلاد شهورًا في صراعها ضد الوباء.
لقد احتاج معظم سكان العالم معلومات واضحة ودقيقة من حكوماتهم حول الفيروس كما احتاجوا إلى إجراءات، وبدل ذلك تم نثر بذور الفتنة والشكوك، وبث معلومات مضللة؛ ما جعل مهمة احتواء الفيروس أكثر صعوبة وتعقيدا.
وبينما لا يزال الباحثون يتعرفون أكثر على مزيد عن أعراض فيروس كوفيد- 19 ويعملون على إيجاد لقاح محتمل وبروتكولات علاجية، فإنهم يواصلون أيضًا التحقيق لرسم خريطة للفيروس، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية منذ البداية أنه من المحتمل جدًّا أن تبلغ حصيلة وفيات كوفيد-19 الملايين في حال عدم القيام بكل ما يلزم، وتساقطت مقولات كثيرة عن مدة بقاء الفيروس نشطًا على الأسطح أو في الهواء أو حتى التنبؤات بأن الظروف الأكثر دفئًا تقلل من كفاءة انتقال كوفيد لم تتحقق، ولا تزال توجد حاجة إلى تدخل إضافي لاحتواء انتشار العدوى؛ ما دعا جلالة الملك وطنيًّا للأمر بأن يكون المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات مركزًا موحدًا للتعامل مع الجائحة بكل تداعياتها.
وهنا لا ضير في أن يلعب إعلامنا دورًا محوريًّا في غرس الوعي الفردي والجماعي، والتحلي باليقظة والتفكير النقدي، واستقاء المعلومات من المصادر الأمينة الموثوقة، والحذر من الأكاذيب والإشاعات، وعدم التعرض للمؤثرات السلبية ولو بقصد التسلية، واتباع الأساليب الصحية، ولبس الكمامات، والتباعد، وحجر بؤر الوباء، وعزل المصابين، وحجر المشتبه بإصابتهم، وتوقف المتفيهقين، وأشباه الخبراء عن الإدلاء بدلوهم، وترك ذلك للخبراء الحقيقيين، وفي مؤسسات وزارة التربية والتعليم مطلوب أقصى إجراءات الوقاية من تباعد وتعقيم ولبس كمامة فالوقاية خير من العلاج.
أما في التعليم فإن وزارة التربية والتعليم ممثلة بوزيرها النشط المبدع الدكتور تيسير النعيمي، وبتوجيه مباشر من حضرة صاحب الجلالة الملك المعزز عبد الله الثاني قد سعت دومًا إلى تطوير منظومة متكاملة للتعليم، وإستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية قدرات المعلمين عن طريق تدريبهم وتأهيلهم وتمكينهم من بناء جيل واعد في التعليم الوجاهي وعن بعد وباستخدام التكنولوجيا؛ لأن توظيف التكنولوجيا واستخداماتها من شأنه رفع مستوى التفاعل والتواصل بين الطلبة ومعلميهم، ما يدعم شخصية الطالب، ويسهم أيضا في دمج الأسرة بالعملية التربوية كونه يربط الطالب بمعلمه خارج الغرفة الصفية من خلال التكنولوجيا.
إن توظيف التكنولوجيا في التعليم من شأنه إحداث نقلة نوعية في رفع كفاءة التعليم وتوفير أدوات غير تقليدية في العملية التعليمية والاستفادة من المصادر المتاحة عبر شبكة الإنترنت بما يَصُب نحو الوصول إلى اقتصاد مَبنيّ على المعرفة الذي سعت الإستراتيجيات الوطنية المتعاقبة إلى تحقيقه.
وتظهر أهمية توظيف التكنولوجيا أكثر في تخفيف عبء الحقيبة المدرسية، وذلك بالاستخدام التفاعلي للتكنولوجيا في التعليم، وإيجاد حلول للتحديات التعليمية التي تواجه الطلبة والمعلمين، مشيرًا إلى وضع المناهج الدراسية على منصات إلكترونية لتحقيق ذلك، وتعزيز فرص التعليم خارج المدرسة.
إن الحقيقية الجلية أنَّ الانتقال الاضطراري لطرائق جديدة ونماذج جديدة ليس فقط في التعليم بل وفي الصناعة والزراعة وغيرها يتطلب إمكانيات مادية هائلة، وهي متفاوتة من بلدٍ إلى آخر تبعًا لجاهزية البنية التحتية واكتمالها، وقد أدت النقلات السريعة في مجال التقنية إلى ظهور أنماط جديدة للتعلم والتعليم بجودة متدرجة من نموذج إلى آخر، ولكنها جميعًا زادت في ترسيخ مفهوم التعليم الفردي أو الذاتي؛ حيث يتابع المتعلّم تعلّمه حسب طاقته وقدرته وسرعته في التعلُّم ووفقًا لما لديهِ من خبرات ومهارات سابقة.
ويُعَدُّ التعليم الإلكتروني أحد هذهِ الأنماط المتطورة لما يسمى بالتعليم عن بعد بوجه عام، أو التعليم المعتمد على الأجهزة الذكية والحواسيب بوجه خاص.
حيث يعتمد التعليم الإلكتروني أساسًا على الحاسوب والشبكات في نقل المعارف والمهارات، وتضم تطبيقاتُهُ التعلُّمَ عبر الويب والتعلُّمَ بالحاسوب وغرف التدريس الافتراضية.
ويُقَدَّمُ محتوى الدروس عبر الإنترنت والأشرطة السمعية والفيديو والأقراص المدمجة، وكذلك يتم الرد على جميع الأسئلة وإرسال الاختبارات والبحوث عن طريق برامج التطبيقات الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني.
واليوم وفي ظل تفاقم الحالة الوبائية عالميًّا ومحليًّا تشكلت قناعة بأن نتائج عودة الحياة المدرسية الطبيعية في هذا الوقت ستكون خطيرة؛ فكان اللجوء إلى قرار التعليم عن بعد، والتقييم عبر المنصات الذي تَبَيَّنَ فيه أنَّ التعليم عن بعد ليس ترفًا وإنّما ضرورة في ظل الحالة الوبائية الراهنة، والحفاظ على صحة المعلمين والطلبة وجميع العاملين هي الأولوية.
إن عملية التحول الرقمي هي خيار المستقبل، وهذا يعني أن التعليم الإلكتروني هو المعزز والداعم للتعليم المباشر، ولا بد لنا من أن نواكب متطلبات العصر حتى لا تَتَشَكَّل فجوة تعليمية لدى الطلبة عبر خارطة طريق إصلاحية للتعليم يحسِّن البنية التحتية التكنولوجية كما يحسِّن طرائق التدريس، ولا شك في أن استمرار شكل التعليم ستحدده مستقبلًا الحالة الوبائية التي نتمنى مع قرب توصل كثير من الشركات إلى اكتشافات مهمة على صعيد المطاعيم أن تزول غمة هذا الوباء ويكون الفرج قريبًا.