كالعادة وكلما خرج خبر عن شخصية ما تبدأ محركات البحث الشخصي والجماعي بالنبش عن التفاصيل، وينشغل الجميع في الاسم وينسون الإنجاز، وهذا ما حدث أخيراً مع الحقوقية الأميركية الأردنية من جذور «خليلية» ريما دودين، ففجأة بدأت الألعاب النارية تشعل فضاء مواقع الأخبار والتواصل فرحاً بالخبر، وهو خبر يجعلنا فخورين بأن لنا ضلعا مهما مع إدارة زعيم العالم بواشنطن، وهذه ليست الأولى التي يحقق فيها العرب الأردنيون والفلسطينيون مراكز متقدمة في المنظومة الرسمية الأميركية، فقد أخرجت الفحيص الأردنية جوليا نشيوات، كأول أردنية تعين في موقع مهم كمستشارة للرئيس ترمب للأمن الداخلي، وكانت من قبل نائباً لمساعد وزير الخارجية الأسبق ريكس تيلرسون
كانت الولايات المتحدة ولا تزال تحتفظ بلقب «وطن الفرص»، ولهذا فإن التقدمية المعجزة في النظام السياسي الأميركي هي التي تمنح الأشخاص الفرصة الكبرى ليكونوا ضمن المنظومة الحاكمة أو التشريعية بغض النظر عن الأصول والمنابت والانتماءات، المهم عندهم الولاء لروح الدستور الأميركي والإخلاص لأميركا، وهذا لا يأتي فجأة أو العفو عن سجين وترضيته بمنصب، بل هو في الروح المستنسخة للنظام الأميركي، حيث لا مكان للسؤال من أين أنت، بل ماذا تستطيع أن تكون، وهذا ما أوصل عربية لمناصب في المجالس التشريعية هناك
دودين المقرر أن تتقاسم مع زميلتها «شوانزا جوف» من أصول أفريقية، كنائبين لمدير مكتب الشؤون التشريعية التابع للرئيس القادم جوزيف بايدن، ولو بقيت في بلاد العُرب أوطاني وحسب نظرية من ليس معي فهو ضدي، لكانت اليوم في مكتب محاماة تعاني من ضغط العمل وجلسات المحاكم طويلة الأمد، ولكنها منذ استقرت في أميركا، حازت على شهادة الحقوق منذ أربعة عشر عاماً، وعملت كمساعدة ومستشارة للسيناتور الديمقراطي ديك دوربين، وشاركت في حملة الرئيس أوباما، وشاركت في تأليف كتاب عن مجلسي النواب والشيوخ، حسب البيانات الخاصة بها
المهم اليوم أن «دورا الخليل» وضعت ابنتنا «دودين» في القصر الرئاسي بواشنطن كما وضعت الفحيص ابنتنا نشيوات اللتين لا نعرفهما شخصياً، ولكن الأهم أن يستيقظ الضمير الوطني ليرى كيف أن شبابنا في بلاد الاغتراب يبدعون وينافسون ويصلون إلى مراكز متقدمة، يخدمون بها أميركا لا وطنهم الأم، وينتمون إلى حزب العمال أو المحافظين ولاءً لبريطانيا لا لأصولهم العربية أو الإسلامية، وينخرطون في قطاع الأعمال ويصبحون من أصحاب الملايين دون ملاحقة من جابٍ أو تهديد وظيفي
خلاصة القول أن كل أرض متعددة التربة تنبت ثمارها، إلا الصحراء البخيلة فلا يطيقها سوى شجر الصبار والزواحف المتحرشفة، والعقول هي تماما كالأرض، كلما كانت آفاقها أوسع وقبولها للأفضل أكثر تستطيع أن تحقق المستحيل، والعكس ستبقى صحراءٌ تبتلع ماء السماء كله ولا تنبت إلا الأشواك
دودين ونشيوات وغيرهن من العرب هناك، سيكون ولاؤهن لأميركا أولا وهذا من قيّم المواطنة، وقبلهن الكثير من الشخصيات التي لم تؤثر عليها «البلدة الأصلية»، فالرئيس السابق باراك أوباما هو من أصول مختلطة كيني الأب انجليزي الأم، ولكنه أخلص لأميركا، وحدهم اليهود الذين يسمح لهم بتولي المناصب الوزارية والحساسة هناك، ومع هذا فنحن فرحون بأن شابة خليلية سجلت اسمها على جدار البيت الأبيض.الرأي