بقلم: أ.د. عدنان المساعده*
(1)
موعدنا يوم غد الثلاثاء الموافق العاشر من تشرين الثاني مع إستحقاق دستوري بانتخاب المجلس التاسع عشر لمجلس النواب الأردني. نعم سأنتخب ممارسة لحقي الدستوري، ومن أجل أردن العزم والكرامة ...الوطن الاغلى والأبقى والأكبر من جميعا. وفي هذا اليوم، من حق وطننا علينا أن نرتقي الى أمانة المسؤولية والتحلي بالعقلانية والوعي والتعبير الصادق لانتمائنا للأردن الوطن والتراب والمستقبل أمام تقديم امتحان كبير لضمائرنا في ظل ظرف صحي يتطلب من الجميع الالتزام بتدابير الوقاية الصحية المطلوبة التي تعكس صورة الانسان المتطور بعقله وسلوكه .... إمتحان إن نجحنا فيه سيكون رافعة من روافع الوطن.
والسؤال الكبير الذي يساورني كما يساور غيري من هو الأحق بتمثيل الأردنيين على أمتداد الوطن تحت قبة البرلمان؟ هل هو الذي يمثل العشيرة؟ هل هو الذي يقدم الخدمات عن طريق مقارعة ابواب الدوائر والمؤسسات؟ أم النائب الذي يستشرف آفاق المستقبل وحجم التحديات التي تواجهنا؟ هل هو نائب الوطن ... كل الوطن؟ أسئلة كثيرة يقتضي الواجب أن نجيب عليها بمنتهى الصدق مع الذات وإختيار من يكون مع الوطن لا عبئا عليه أوحمولة زائدة تضر ولا تنفع.
(2)
نعم، نريده منتميا لوطنه ويحمل أجندة أردنية القالب والمضمون بعقل واع لحجم التحديات ومنفتح على الآخر محاورا لما فيه مصلحة ومستقبل بلدنا، ونريده الصادق الصدوق الذي لا يكذب أهله وعشيرته ووطنه ويمتلك حسا وطنيا صادقا، ويعمل ويعمل بعيدا عن التسويفات والمزايدات، يجّمع ولا يفرّق، يوحّد ولا يشتّت.... لا يسمح للقيل والقال ولا يسمح بإضاعة مال الوطن ومقدراته، ونريده رفيقا بهذا الوطن ويرعى حرمته قولا وعملا في السر والعلن ... نريده فيلسوفا يفهم فلسفة الوطن وكيف ينهض به الى الأمام، ونريده القريب الى هموم وطنه وأمته اذا ما أدلهمت بنا الخطوب. كما نريده المثقف المنتمي والقادرعلى فهم واقع الامور صغيرها وكبيرها، ويجيد القراءة مابين السطور بعمق وحكمة وضمير نقي لم يتلوث مهما كانت المغريات، كما نريده متواضعا في غير ضعف، وقويّا أمينا لأنه باختيار القوي والأمين فيه قوة للأردن الذي نحرص دائما أن يكون صلبا منيعا في كل الظروف والأحوال. نعم ابناء وطني اعتقد انكم تريدون الطبيب القادر على معالجة العلل والأمراض، ليس العضوية فحسب... بل معالجة الأمراض ومعالجة موان الخلل أنى وجدت التي تشد الوطن الى الوراء....كما تريدونه مهندسا قادرا على هندسة المستقبل بأسلوب علمي رصين، وليس المقصود هنا هندسة المشاريع والطرق وان كانت مهمة، ولكن هندسة تجعلنا نقف على أرضية صلبة في امتلاك رؤية عميقة تتسم بالخبرة والنضج والأمانة لمراجعة المنظومة الصحية والتعليمية والزراعية التي تشكل دعامات أساسية للنهضة الحقيقية، وترسيخ الاعتماد على الذات وتحقيق دولة الانتاج.
(3)
نعم ابناء وطني ومن خلال وعيكم وحرصكم على مستقبل وطنكم، أعتقد انكم تريدون من يمثل اردننا أن يعرف ما هي التنمية المستدامة وما هي تفرعاتها في مختلف مجالات الحياة التي تنعكس ايجابيا على بلدنا، وتريدونه قادرا على تحفيز طاقات الإبداع عند الشباب والإستفادة منها، فالشباب هم الثروة الأغلى للوطن فواجب تنميتها وتدريبها وتوجيهها وإعدادها وطنيا ضمن برامج هادفة وفاعلة تكون قادرة على الإسهام في بناء الأردن قدرة ومكتسبات ليكونوا قادرين على صياغة مرحلة جديدة تنهض بمقدرات الوطن ومكتسباته من خلال إمتلاكهم لتصورات ورؤى تتعلق بطموحاتهم ومستقبلهم الذي هو طموح الأردن ومستقبله مترفعين عن الترسبات الذهنية الخاطئة ومتسامين فوق كل التجارب التي انحرفت فيها البوصلة وشابتها الأخطاء. وهنا، نعقد الآمال على جيل الشباب ليأخذوا دورهم وليقولوا كلمتهم بوضوح أننا للوطن ومع الوطن ومع جلالة سيدنا صاحب الهمة العالية والعزيمة والحكمة السديدة الرأي في كل موقف من أجل تصويب الأخطاء، ووضع الأمور في نصابها الصحيح في إنتخاب الأقدر والأكفأ والأكثر صدقا وأمانة وعطاء متجاوزين النظرات الضيقة والانتماءات الفرعية نحو آفاق أرحب سعة ووعيا.
(4)
نريده نائبا لكل الوطن ويمثل فسيفساء أردننا الجميل... نريده مزارعا يعطي الزراعة حقها يرعى الأرض ويحرثها بعرق جبينه بعد أن امتزجت حبات العرق بتربتها من أجل تبقى خضراء يانعة تؤتي أكلها من أينع الثمار وأطيبها... نريده قادرا على تنمية الموارد الصناعية التي تشكل ركنا داعما لاقتصادنا الوطني... نريده مشرّعا يسهم في وضع القوانين التي ترسّخ دولة المؤسسات والقوانين التي تحمي الوطن والمواطن من تغول النفوس التي في قلبها مرض وفي رأسها أذى التي لا تريد الخير لهذا الوطن، ونطمح أن يكون نائب الوطن تربويا فذّا ومعلما مبدعا يؤدي رسالته السامسة والنبيلة تجاه الأجيال، ونريده استاذا جامعيا يغرس المفاهيم والقيم التربوية والتعليمية العليا في نفوس وعقول الطلبة ليكونوا لبنات قوية لبناء الاردن المتماسك. كما يستحق منا أردننا الغالي أن نسهم في ايصال النائب الباحث إلاجتماعي القريب من العقل والقلب معا الذي يتحسس مشاكل الناس، ونريده الاقتصادي المتمكّن الذي يمتلك رؤية استشرافية تسهم في زيادة النمو وحل مشكلة البطالة ووضع الحلول لها والتقليل من آثارها ما أمكن.
(5)
وما لا نريد!! لانريد أن يمثلنا في البرلمان من كان إنتهازيا أو وصوليا أو مزايدا، ويرقص طربا لكل شيء يتفق مع مصالحه، ولا نريده أن يصل الى قبة البرلمان من أجل الوجاهة، ومن أجل تحقيق مصالح ضيقة... ولا نريده متعجرفا أو مختالا فخورا لا على شيء، فيكون وبالا على الوطن يشد عجلة الوطن الى الوراء بعجرفته وخيلائه.، ويدير وجهه للناس معتقدا أنه الفرقد وسواه هو الفحمة كما قال الشاعر:
يا أخي لاتمل بوجهك عني ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
(6)
فهل سينجح الشعب الأردني في امتحان العاشر من تشرين الثاني بإختيار النائب القوي والأمين والمنتمي لوطنه بوضع مصالح الوطن العليا فوق كل الاعنبارات، وهل سيقول فرسان التغيير كلمتهم نعم للوطن ونعم للذي يعمل للوطن في إنتخاب الأكفأ والأقدر ليكون العاشر من تشرين الثاني انطلافة جديدة في فضاءات الحرية المسؤولة الناضجة في أردننا الغالي الذي سيجناه بالحب والوفاء والتضحية والفداء، وليكون كذلك محطة مهمة من محطات أجندتنا الوطنية ننشد التقدم بهمة عالية وعزيمة قوية عمادها العمل والاخلاص كما يريده جلالة سيد البلاد وكما يتمنى الأردنيون تحقيق ذلك. وحمى الله أردننا أرضا وسماء وشعبا ومقدرات، وحفط الله جلالة سيدنا حادي الركب وأدام ملكه، وحفظ الله سمو ولي العهد الأمين.