بقلم: د. خالد الكلالدة
لم يكن عابراً أن تحافظ الهيئة المستقلة للانتخاب على شعار «الأردن ينتخب» كشعار لانتخابات مجلس النواب التاسع عشر 2020، بعدما أطلقته عام 2016 كدلالة على أن الاردن يتحاور من خلال صناديق الاقتراع في الاقليم الذي نعيش، وجاء قرار الاستمرار في هذا الشعار كرسالة وطنية، أنه رغم الحالة الوبائية والخوف على الصحة العامة؛ فإن الاردن استمر في الحفاظ على الاستحقاقات الدستورية، وأن الحالة الوبائية لا تعطل المسيرة الديموقراطية، بل هي دافع لاستمرار الحياة بكافة اشكالها، ومنها السياسية.
لا أخفي سراً أننا واصلنا الليل بالنهار؛ سعيا منا لضمان سير العملية الديموقراطية مع الحفاظ على السلامة العامة، فدرسنا كافة النماذج العالمية، وبحثنا عن تطوير نموذجنا الاردني في «الانتخابات في زمن كورونا»، وكان هدفنا تطوير اجراءات العملية الانتخابية للحفاظ على الصحة مع ضمان النزاهة والسلاسة، بما يطمئن الناخب على صحته عند ذهابه الى الصناديق، فبدأنا بالتدريب ونقل المعرفة والتوعية عن بُعد باستخدام كافة التقنيات الحديثة المتاحة، وعالجنا التعليمات التنفيذية لضمان سير العملية الانتخابية، وضاعفنا عدد مراكز الاقتراع والفرز منعا للازدحام، وعالجنا اجراءات يوم الاقتراع والفرز، وقمنا بتأمين كافة اجراءات التباعد الجسدي وعدم التلامس بين الناخبين انفسهم من جهة؛ وبين اللجنة والناخب من جهة أخرى حفاظا على صحة الجميع، وصممنا ونفذنا حملتنا التوعوية لذلك.
ما يميز الانتخابات في هذا العام الكثير، من أهمها تراكم الخبرات يوما بعد يوم لدى كوادر الهيئة المستقلة للانتخاب من خلال التطوير المؤسسي وتقييم العمليات الانتخابية السابقة والاستفادة من التجارب الدولية، ومنها اطلاق دورات تدريبية للصحفيين في كافة المحافظات لتطوير قدراتهم على التغطية الانتخابية، وعقد سلسلة من اللقاءات المباشرة أو عبر التقنيات لشركاء العملية الانتخابية، وتطوير القدرات الذاتية في تصميم وطباعة وانتاج الحملات التوعوية، وبناء مركز اعلامي متخصص واطلاق المعهد الانتخابي الخاص بالهيئة، ومن ثم ومع انتشار كورونا عالميا، كان لزاما علينا أن نطور خبراتنا مع هذا المستجد، مما أهلنا عند صدور الارادة الملكية السامية لإجراء الانتخابات أن نكون مستعدين وفق مخططنا وخبراتنا، آملين ان نكون عند ثقة القيادة وجموع الناخبين.
اليوم ونحن ندعو الناخبين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع، إلا انه علينا جميعا أن لا ندعوهم الى المشاركة وحسب، بل ما يهمنا اليوم ايضا ضرورة التقيد بإجراءات السلامة العامة المعتمدة من قبل لجنة الاوبئة والهيئة المستقلة للانتخاب، فلن يسمح لأي شخص أن يدخل مراكز الاقتراع والفرز دون ارتداء الكمامة تطبيقا لأوامر الدفاع، كما ستلتزم الهيئة بإعطائه قفازات توضع في كيس بعد الاقتراع مباشرة، وقلماً يحتفظ به، أما التحبير فسيكون بالتنقيط وليس بالغمس، وسيتم قراءة بطاقته الشخصية وهي في يده عن بُعد من خلال جهاز قارئ ضوئي، كما تم تجهيز أعضاء اللجان بكافة الاجراءات الوقائية والزي اللازم لذلك؛ مع الحرص على تدريبهم التدريب الوافي، لنصل الى مرحلة نستطيع القول فيها أننا سخرنا كافة الامكانيات اللازمة للحفاظ على سلامة الناخب.
ومن جهة أخرى؛ فإننا اليوم لا ننظر الى المشاركة الكمية فقط، بل نأمل بالمشاركة النوعية، من خلال اختيار من يرى الناخب أنه حقا يمثله، فحاربنا وشركاؤنا الاستخدام الفاسد للمال في الانتخابات، من خلال تطبيق القانون، وتحصين الاجراءات، ونشر التوعية، وتحويل المتورطين الى القضاء بعد التحقق داخل الهيئة، كل هذا بهدف أن يصل الناخب الى العزل الانتخابي ويختار بملء ارادته وبسرية مطلقة، علّنا جميعا نصل الى المجلس النيابي الذي نريده، مجلس تشريعيّ رقابيّ، فكان شعار «صوتك.. مسؤوليتك» هو ما أطلقناه قبيل الانتخابات، لنقول للناخب أننا قدمنا كل شيء ممكن، ويتبقى ان تتحمل مسؤليتك بالاختيار الصحيح.
كلي أمل أن ننجح سوية، ونقدم النموذج الاردني في الاقتراع والفرز، النوعي والكمي والمحافظ على السلامة العامة، فقد تعودنا أن يكون الحوار من خلال الصناديق، مهما كانت الحالة الاقليمية أو الداخلية، فهذا عهد الاردنيين، وفقنا الله جميعا في خدمة الاردن وتطبيق رؤى قيادته الحكيمة.