كتب: الدكتور علي منعم القضاة
أالمجرمــونَ نراهــم كيفمــا استتروا وإِنْ تَخَفّوا عن الأنظار أو ظهــــروا
القراء الأعزاء أسعد الله أوقاتكم بكل الخير، تتواصل شذراتنا لنشر الوعي عن أطماع إيران في بلاد العرب؛ وبيان أنها تشكل مع أعداء الإسلام؛ ثالوثاً قذراً (صادات ثلاثة) صفوية، صهيونية، صليبية (https://www.facebook.com/mahmoud.obeidat.351/videos/26168355386451)، لتفريغ حقدها الدفين على الإسلام والمسلمين، هذا ما قاله أحد أئمة الشيعة الذي انشق عنهم؛ وهو الشيخ حسين المؤيد؛ زوج ابنة عبدالعزيز الحكيم، من أبرز قادة حزب الدعوة الإيراني في العراق؛ وهي أخت عمار الحكيم، زعيم الحزب حالياً.
أسلمة الحلم الفارسي
تتواصل الشذرات في بيان أطماع إيران، وفي كشف أهدافها الخبيثة في الوطن العربي، وقد وصل بنا المطاف إلى اليمن (الذي كان سعيداً)، فهو لم يسلم من أطماعها بل وربما يكون الأكثر أهمية بالنسبة لإيران نظراً لموقعه الاستراتيجي، وإشرافه على العديد من الممرات المائية الحيوية، فقد صرح رئيس هيئة الأركان الإيرانية اللواء محمد باقري بأن إيران تحتاج إلى قواعد بحرية في مناطق بعيدة، وسيأتي يوم تكون لها قواعد عسكرية في اليمن، وفي سوريا.
بعد نجاح خميني في ثورته على شاه إيران التي سماها ثورة إسلامية إيرانية، بدأ الاهتمام بنشر أفكار ثورته في العديد من الدول العربية، ومنها اليمن، تمهيداً لإحياء الحلم الفارسي القديم، بإحياء الإمبراطورية الفارسية، ولكنه ألبسها ثوباً إسلامياً، وصبغها بصبغة شيعية، ليستدر عطف أتباع المذهب في العالم العربي.
مكيافيللية نظام خميني
بدأت إيران تستخدم طرقاً عديدة في العبث بالدول المجاورة، وتتخذ مثلها الأعلى في ذلك مبدأ (مكيافيللي)، وهو الغاية تبرر الوسيلة ؛ إذ أن أصلاً من أصول الشيعة الإمامية يقول أن: «كل دولة تقوم ما بين غيبة الإمام المهدي- عليه السلام- وظهوره هي دولة غاصبة لحق صاحب الحق»، أن أي دولة تقوم ولا يكون رأسها «إمام الزمان» فإنما هي امتداد لسلطان الأمويين والنواصب الغاصبين.
إلا أن الخميني- وتفادياً لوصم دولته بالظلم والغصب- طوَّر مفهوم «نائب الإمام»، الذي دمجه مع مفهوم «الولي الفقيه»، ليصبح خميني نفسه هو الولي الفقيه، وهو نائب الإمام الغائب في الوقت نفسه، وهو الأمر الذي مكنه من الحكم باسم «الإمام المهدي»، ونيابة عنه، ليتسنى للنظام الإيراني في ما بعد اختراق النسيج الاجتماعي العربي في بعده القومي باسم التشيع.
وانطلاقاً من مبدأ مكيافيللي فإن إيران لم تدعم فقط الحوثي في شمال اليمن، بل كانت تساعد وتدعم الانفصاليين في الجنوب، وفي إشارة لهذا فقد دعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي منذ تاريخ 31 آذار/ مارس 2014 إيران إلى وقف دعمها للانفصاليين في جنوب البلاد وللجماعات الدينية في شمال اليمن.
وتأكيداً لمبدأ مكيافيللي التي تمارسه إيران، فإنها تقوم الاعتراف بالحركات الانفصالية، والتعامل معها رسمياً على أنها دول، إضافة إلى استقطاب أبنائها للدراسة المجانية، وتقديم منح كاملة لهم للدراسة في جامعاتها، أو في جامعات تابعة لها مذهبيا في دول عدة، وتقديم الدعم العسكري واللوجستي لهم، وتهريب أسلحة لهم من خلال كل القنوات الممكنة، وخاصة عبر البواخر المحملة بالأسلحة.
الجهر بالعداء
أمر آخر شجع إيران على زيادة الاهتمام باليمن، وهو التصاق حدود اليمن بالمملكة العربية السعودية، التي تعتبرها إيران عدوها الأول، كما صرح مسؤولون إيرانيون غير مرة بأطماعهم في أرض الحجاز (أرض الحرمين)، وكشفوا عن نيتهم في احتلال الحرمين الشريفين -لا قدر الله لهم ذلك-.
وفي مقالة للكاتبة اليمنية أمل العالم بتاريخ 12 فبراير 2020، تقول: عندما دخل الحوثيون العاصمة صنعاء، وفرضوا سيطرتهم عليها، صرح أحد ملالي إيران في البرلمان الإيراني: "إنَّ صنعاء هي رابع عاصمة عربية تابعة لنا.
وجدت إيران في الحوثيين اليمنيين صيداً سهلاً لها، حيث تعاني اليمن من الفقر المدقع، والعديد من مشاكل العالم العربي، كالفساد الإداري والمالي في الحكومات المتعاقبة. ولذلك بذلت إيران جهوداً كبيرة لترسيخ وتعميق الخلاف بين أطياف الشعب اليمني بحجج مذهبية، لم تكن ذات بال بين اليمنيين أنفسهم يوماً ما، حيث إن الزيدية تختلف أو على خلاف بالأصل من الإثني عشرية الإيرانية، وأن الزيديين يتعايشون بشكل طبيعي في اليمن.
الطبل الأجوف
غذت إيران الفرقة بين اليمنيين بماء السموم، واشترت في سبيل ذلك نفوساً عديدة، أغدقت عليها من أموال الخمس التي تجنيها من أموال العوام في العالم العربي، بجهل وباستغلال لعواطفهم الدينية. وشجعت إيران الحوثيين، ثم أمدتهم بالمال والسلاح، وأرسلت لهم ميليشيات من أتباعها يدربونهم على صنوف القتال، حتى تمكنوا من السيطرة على مفاصل الدولة. ويعد هذا من ضمن إستراتيجيتها لتعزيز أوراق الضغط التي تمتلكها في إدارة صراعها الذي تسهم به، بل وتفتعله في منطقة الشرق الأوسط، فإنها تتعامل مع عملائها الذين يخونون بلادهم على أنهم حكومة، أو سلطة رسمية، وتنفخ رؤوسهم كي يصدقوا أنفسهم، تماماً كما الطبل الأجوف.
إيران هي الدولة الوحيدة التي تعاملت مع الحوثيين كسلطة رسمية تمثل اليمن، واستقبلتهم في طهران كمسؤولين رسميين، لا بل أبرمت معهم اتفاقيات ثنائية على أنهم دولة، ثم قامت إيران بتسيير خطوط جوية مباشرة بين صنعاء وطهران بمعدل رحلتين يومياً، أو (14) رحلة أسبوعياً، متجاهلة كل الأعراف الدولية والدبلوماسية في العالم.
تواطؤ أمريكي الأمم مع إيران
بل لم تبالي إيران بمخالفة قرار مجلس الأمن رقم (2216) للعام 2014 الذي ينص على عدم شرعية الانقلاب الحوثي، حيث قامت وزير الخارجية الإيراني بتسلم أوراق اعتماد إبراهيم الديلمي سفيراً لليمن، في مقرَّ البعثة الدبلوماسية اليمنية في طهران، حدث هذا في الأول من سبتمبر/أيلول 2019.
بعد ذلك أصبحت تجاهر وبمنتهى الصلافة بتقديم الحرس الثوري الدعم استشارياً وفكرياَ للحوثي في اليمن؛ بل وأرسلت إيران الحرس الثوري الإيراني إلى اليمن؛ لدعَّم نفوذها العسكري من جهة، ولجعل اليمن لقمة سائغة، وورقة ضغط بيد إيران في صراعها الدائر في المنطقة، وهي الورقة تعدُ مصدر قلق وزعزة للأمن العربي، وخلخلة لاستقرار كل إقليم الشرق الأوسط.
وبالرغم من كل الامتيازات التي تمنحها إيران، فإنه أصبح واضحاً للعيان أن علاقتهم بإيران هي علاقة تبعية وذل ومهانة، كعلاقها بكل أتباعها الذين ساعدتهم على خيانة بلادهم في العالم العربي، فقد أحكمت قبضتها عليهم أكثر مما هي على بلادهم التي خانوها من أجل إيران؛ فأصبح الحوثيون لا يملكون الخروج عن رأيها، وقد قام كبيرهم بمبايعة مرشد إيران الأعلى علي خامنئي.
* أستاذ مشارك في الصحافة والنشر الإلكتروني
E-mail:dralialqudah2@gmail.com