بقلم: أ.د. عدنان المساعده *
رسالة جلالة سيدنا الى دولة رئيس الوزراء المكلّف الدكتور بشر هاني الخصاونة جاءت شاملة عميقة بينت واقع التحديات الاصعب في تاريخ بلدنا منذ تاسيس الدولة الاردنية الراسخة الأمر الذي يضع الرئيس المكلّف أمام مسؤوليات جسام وعظيمة لنتجاوز التحديات التي تعصف بدول العالم ودول المنطقة ومنها اردننا الغالي الذي تأثر وما زال يتأثر فيما يدور بمحيطه المتلاطم الامواج. والأولوية التي تهمنا في هذه المرحلة هي الاعتماد على الذات وترتيب بيتنا الداخلي اضمن محاور في غاية الأهمية القصوى المتعلقة باستقرار منظومة أمننا التربوي والتعليمي ، والصحي، والغذائي في ظل جائحة كورونا التي اجتاحت العالم كله.
رسالة جلالة الملك واضحة الرؤية وتناولت محاور هامة لتوجيه بوصلتنا الوطنية بامانة المسؤولية للعمل والانجاز، وهي توجه للاستمرار في الحفاظ على منظومتنا التعليمية قوية ضمن نهج واضح ومدروس وقرارات جريئة هدفها التعليم النوعي وتطويره بأساليب حديثة تنهض بالأجيال التي هي مستقبل اردننا لا أساليب تخضع للتجريب أوالتردد أوالاجتهادات الخاطئة، ولكن بانتهاج تخطيط وسياسات استراتيجية فعالة لمنظومة تعلبم متكاملة في شقيها التعليم العام والتعليم الجامعي.
فالتعليم النوعي هو أساس النهضة الحقيقي الأمر الذي يتطلب ايجاد بنية تحتية قوية ومهارات علمية مدربة وتكنولوجيا حديثة نتقن استخدامها في الريف والبادية والمدينة وعلى امتداد الوطن، ليكون العلم سلاحا داعمًا حقيقيًا لمسارات التنمية وفي كل المجالات، ولندرك بوضوح ان الاستثمار الحقيقي في التعليم هو الاستثمار بالأجيال المتميزة وقدرات الشباب الإبداعية الذي سيدفع دون ادنى شك بعجلة تنمية الموارد البشرية في جميع مرافق الدولة الاردنية من جهة، ولتاخذ مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا دورها المحوري كمنارات علم وحاضنات وعي وفكر ونهضة، ولنضع أردننا والانسان الاردني على خريطة العالم المعرفية، من جهة ثانية.
نعم سيدي دولة الرئيس، أن البناء التعليمي القوي يقود الى تطوير منظومة متكاملة تشير الى الخلل انّى كان واينما وجد عبر مسيرة التعليم ويضع جدولا زمنيا لمعالجة هذه الاختلالات ضمن خطط مدروسة هادفة تراعي مستقبل التنمية، ولا يكون ذلك الا باعطاء ملف التعليم الشامل الاولوية القصوى ومواكبة المستجدات التعليمية والتربوية الحديثة أصالة ومعاصرة، وتوظيف تكنولوجيا المعلومات وبناء الانسان المتطور بعقله وفكره ليستمر البناء والانجاز.
وفي مجال الصحة...فقد اثبتت أزمة كورونا ضرورة الاستقادة من كل جهد طبي لتحقيق الأمن الصحي للوطن والمواطن على حد سواء، وانه مهما كانت اعداد الخريجين من الأطباء والتخصصات الطبية المتعددة، فهؤلاء هم الرصيد الحقيقي وهم الذين يحمون عافية الوطن، كما أن نظامنا الصحي المتكامل كوادر وعلاجًا ودواء مازال بحاجة الى إسناد وتعزيز القطاع الصحي لاستيعاب هذه الثروة الطبية الحقيقي وتاهيلها علما وتدريبا والتوسع في إقامة المستشفيات ، للحفاظ على هذه الكفاءات لتخدم وطنها، حيث أن الكثير من هذه الكفاءات غادرت أرض الوطن سعيا وراء ايجاد فرصة عمل هناك بعد أن ضاقت بها السبل لتجد فرصة العمل هنا.
كما أن توفير كل الاحتياجات الضرورية وتخفيف الضغط الهائل عن الكوادر الطبية خط الدفاع الأول عن المنظومة الصحية، لكي تستمر بعطائها وقدرتها على التحمل وتقديم الخدمة الفضلى للمرضى، لأنه ليس بمقدور الطبيب التعامل مع عشرات الحالات يوميا، وان حماية الجسم الطبي من ضمن الأولويات لان الجسم القوي هو القادر على العطاء وتقديم الخدمات الصحية بأقضل مستوى. اضافة الى تعزيز الايجابيات والانجازات في المجال الصحي، وذلك باعطاء السياحة العلاجية أهمية كبيرة ليكون الأردن مركزا علاجيا على مستوى الأقليم بما يمتلك من كوادر طبية في كل التحصصات، وكذلك تشجيع قطاع الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية واتخاذها كنموذج ناجح، حيث أثبتت الأزمة أن صناعتنا الدوائية وانتاج المستلزمات الطبية نجحت في توفير حاجة بلدنا والتصدير ايضا، الأمر الذي يشكل رافدا لاقتصادنا الوطني.
وفي مجال أمننا الغذائي، فالعودة الى الأرض والزراعة ما زال وسيبقى خيارا استراتيجيا، ليستعيد القطاع الزراعي عافيته لينهض من جديد كمورد رئيس من موارد الدخل الوطني، الأمر الذي يدعو الى مراجعة السياسيات الزراعية والاستفادة من كل رقعة زراعية وعلى امتداد ارضنا الطيبة حيث ان نسبة الأرض المستغلة مازالت دون المستوى المطلوب مما يتطلب دعم المزارعين وتوفير كافة التسهيلات لهم، وكذلك ازالة كل المعيقات التي أدت الى هجرة الناس عن العمل بالزراعة منذ عشرات السنين بسبب السياسات الزراعية الخاطئة التي لم تشجع الناس على الاهتمام بهذا القطاع، وخصوصا تلك الطاقات الشبابية المعطّلة التي لم يتم استثمارها وتوجيهها للعمل بالقطاع الزراعي.
نعم، سيدي دولة الرئيس لنعيد لهذا القطاع الحيوي والهام المكانة التي تستحق لأنه رافد أساسي قي زيادة المخزون الاستراتيجي للسلع المهمة وخصوصا القمح والشعير والحبوب الأخرى وغيرها من محاصيل الخضار والقواكه التي تكفي سوقنا الاردني وتسهم في خفض نسبة الاستيراد من جهة، كما يسهم في التقليل من نسب البطالة في حال توجية الدعم للشباب للعمل في الزراعة، ويسهم كذلك في ايجاد صناعات غذائية وطنية تدعم اقتصادنا الوطني. كما أن الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية الذي تربطه علاقة بينية وثيقة مع قطاع الزراعة، يشكل هو الآخر جانبا مهما من جوانب الامن الغذائي، مما يحقق فرص عمل لكثير من المتعطلين عن العمل في حال ايجاد دعم حقيقي لمربي الثروة الحيوانية والدواجن، الامر الذي يتطلب مراجعة السياسات المتعلقة في هذا القطاع الحيوي والهام، اضاقة الى ارتباط ذلك بالقطاع الصناعي المتعلق بالصناعات الغذائية التي تعتمد على المنتجين الزراعي والحيواني لتكون رافدا لهذا المخزون الاستراتيجي.
أمّا الجيش العربي المصطفوي وأجهزتنا الأمنية قرة عين الوطن الذين يسيرون على نهج جلالة القائد الأعلى، فسيبقون صمام الأمان لحماية الوطن ومقدراته وركيزة أساسية لصون كرامة الوطن والمواطن، فواجب الدعم وبكل الامكانيات المتاحة يعتبر محورا هاما ومن أولى الاولويات لهؤلاء الذين يوصلون الليل بالنهار لتبقى أسوار أردننا عالية وحصينة منيعة ضد كل العاديات ومواجهة التحديات بقوة وصلابة، ونسال الله تعالى السداد في القول والعمل.
سيدي دولة الرئيس، أعانكم الله في توجيه خطاكم الوطنية الصادقة لخدمة اردننا الغالي، وانتم رضعتم حب هذا التراب المقدس، وتحملون نبراس العلم والايمان لخدمته بتفان واخلاص حال الرجال الرجال الصادقين والأوفياء الذين يضعون مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار والسير في مسيرة الاصلاح ومعالجة الخلل أنى وجد بقوة وعزيمة لا تعرف التردد، ووفقكم الله في خدمة أردن العزم والكرامة في ظل جلالة سيدنا حادي الركب الملك عبد الله الثاني بن الحسين أدامه الله وأعز ملكه. "وقل اعملوا قسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".
* كاتب استاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
* عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي العلوم والتكنولوجيا الأردنية واليرموك
* رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا