ستون يوما من المخاض العسير مع فيروس كورونا هزت أركان تجربتنا في ثمانين يوما.هل يتوجب علينا أن نعيد سرد قصتنا من جديد؟
يبدو أنه لامفر من ذلك.
ساد الانطباع بعد نحو ثلاثة أشهر من المواجهة مع الفيروس أننا كتبنا النهاية منتصرين. لقد تحقق الانتصار بالفعل، وبلغنا مرحلة صفر إصابات لأيام طويلة.
كان الأطباء يحذرون من موجة ثانية ستضرب العالم بشدة مع بداية الشتاء، وطرح خبراء سلسلة من الأفكار الأولية لاستراتيجية شاملة للتعامل مع الموجة المتوقعة.
لكن المفاجأة انه وفي عز فصل الصيف بدأت موجة الاصابات في الأردن، وكان مصدرها الأساسي معبر جابر الحدودي مع سورية.
اعتقد كثيرون أن السلطات المختصة ستنجح في احتواء الثغرة الحدودية كما فعلت من قبل مع حدود العمري، غير أن الوضع لم يكن كذلك، فقد بدا أننا في حالة استرخاء تطلب النهوض منها أياما طويلة كان الفيروس خلالها قد انتشر على نطاق واسع في جميع محافظات المملكة، وصار يتنقل بحرية بين الأحياء السكنية والقطاعات الاقتصادية.
من بين الأسئلة التي ينبغي أن نجيب عنها قبل أن نسرد القصة من جديد، السؤال المتعلق بتوصيف ما حدث ويحدث حاليا: هل هو موجة ثانية أم انتكاسة فرضت نفسها فتحولت إلى موجة مبكرة؟
والسؤال الثاني: لماذا لم تسعفنا خبرتنا مع الموجة الأولى في تلافي الأخطاء المسجلة واحتواء الفيروس قبل أن يتفشى؟ هل يكفي التبرير القائل بأن الانفتاح جلب معه بالضرورة الفيروس بشكل واسع؟
لسنا هنا بصدد البحث عن إجابات لإدانة حكومة أو مسؤول، بل هى الحاجة لصياغة تصور كامل عما حدث وما يمكن أن يحصل في الأشهر المقبلة.
سرديتنا الأولى للأحداث ستبدو مثيرة للسخرية إذا تركت على حالها دون مراجعة وربط مع التطورات اللاحقة. وسنجد مستقبلا صعوبة في إقناع الرأي العام بأن ما ترتب عليهم من خسائر اقتصادية كان ثمنا لانتصار لم يدم سوى أسابيع، تلته انتكاسة لانعلم بعد قدر الكلف المترتبة عليها.
وفي المقابل لانريد أن ينظر بعضنا بأثر رجعي لما تحقق كإنجاز لمؤسسات الدولة على أنه مجرد كذبة ليس لها أساس في الواقع. النتيجة على الشعور الوطني العام ستكون مدمرة في هذه الحالة، فنخسر الرصيد المتحقق من الثقة بمؤسساتنا وقدراتنا الوطنية.
يكفي هنا أن نحلل بشكل موضوعي وجريء ما حصل خلال الشهرين الأخيرين ونؤشر الى الأخطاء والتحديات التي صاحبت الأزمة والاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية التي حكمت قراراتنا، بما يمكننا في النهاية من تقديم صياغة محكمة لروايتنا.
وليس عيبا في مثل هذه الحال الاعتراف بأننا تسرعنا في إعلان النصر بداية وأن ماحصل لم يكن أكثر من هدنة قصيرة قبل الدخول في فصل جديد من المواجهة مع وباء يعجز العالم كله عن التغلب عليه.
جزء كبير من حالة الارتباك التي تظهر على وجه المسؤول الأردني وهو يتحدث للجمهور في هذه الأيام، مردها شعور بالخيبة بعد كل هذه التضحيات.الغد