المزاج الشعبي في الأردن يشوبه الخدر واللامبالاة, فالكثير من الناس لا يعرفون ما يمكن ان تتطور إليه الاوضاع العامة للبلاد. انتشار الوباء والقلق من زيادة حجم المديونية وانحسار فرص العمل وخسارة البعض لمصادر رزقهم تؤرق الجميع وتولد اليأس والاستسلام.
أينما ذهبت وبصرف النظر عن مواقف الافراد السياسية والحزبية يبدي الجميع مخاوفهم على مستقبل الاقتصاد ويخمنون حول ما يمكن أن تتطور له الامور اذا ما تفاقمت اوضاع المرض واستمر الترويج لسياسات التباعد وانحسار الانشطة الاقتصادية للقطاعات الانتاجية والخدمية.
بالرغم من الفتور الظاهر حيال مسألة الانتخابات واعتقاد البعض بصعوبة اجرائها في ظل التفشي المجتمعي للوباء إلا أن هناك حراكا انتخابيا هادئا في بعض المناطق والاوساط. في مختلف ارجاء البلاد عبر ما يقارب 1400 شخص عن رغبتهم في الترشح لمقاعد المجلس النيابي التاسع عشر. اكثر من 80 % من نواب المجلس الحالي ينوون الترشح للمجلس القادم والكثير من هؤلاء باشر نشاطه المعتاد في التواصل والتحشيد والدعاية الناعمة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي واستجرار بعض المواقف والعروض المدبلجة لما يعتقدون انها انجازات جاذبة للناخب.
في العديد من المدن والبوادي والارياف كثفت العشائر والجماعات اجتماعاتها ومارست القوى الاهلية ضغوطها لتحديد من سيمثل هذه المجتمعات. الفيديوهات التي جرى عرضها على وسائل التواصل الاجتماعي للانتخابات التجريبية التي أجريت في عجلون وبعض مناطق المملكة تفصح عن حماس شديد وتطور في الممارسات التي تتبعها العشائر في فرز خياراتها الاولية بمعايير وشروط لا تقل دقة وتنظيما عما يمكن ان تقوم به الجهات الرسمية في الانتخابات الفعلية القادمة.
اليوم وبالرغم من عدم تيقن البعض من امكانية اجراء الانتخابات لأسباب صحية الا ان الغالبية يعرفون اسماء وسمات الاشخاص الذين سيترشحون في الدوائر التي تعنيهم كما اصبح المرشحون على دراية بأسماء ونوعية الاشخاص الذين يقدمون انفسهم كوكلاء ومفاتيح في الدوائر الانتخابية.
في مختلف الدوائر الانتخابية لا يجد احد من السكان صعوبة في تسمية الاشخاص الذين احترفوا السمسرة والتسيير فقد اضحوا مشهورين يعرف الناس تاريخهم ومواقفهم وألعاب البعض منهم ونوادرهم في التعامل مع المرشحين والطرق والاساليب التي يستخدمونها في الاشهار والاستمالة والتعريف والوعود وحتى التكتيكات التي يلجؤون اليها لتناسب عقلية وطبيعة واتجاهات المرشحين الذين يستعينون بخبراتهم.
بعض هؤلاء السماسرة لا يجدون حرجا في إعطاء وعود الدعم لكل المرشحين ويقسمون أغلظ الأيمان على ذلك. في حالات كثيرة يحمل هؤلاء الاشخاص قوائم بأسماء ناخبين يزعمون انهم يقعون تحت تأثيرهم. الممارسة الجديدة التي تتجدد مع كل انتخابات تجعل من العملية نشاطا تجاريا لا يختلف كثيرا عن بيع وشراء الاسهم في البورصات.
المؤسف بحق ان برامج التنمية السياسية ونشاطات الرصد والرقابة لا تلتقط هذه الممارسات ولا تعطي لها اهتماما كافيا. المال الأسود وشراء الاصوات موضوعات يرد ذكرها في احاديث وخطابات المسؤولين لكنها لا تحتل نفس الاهمية في اعمال الرصد والضبط والعقوبة الذي يمكن ان تقوم به المؤسسات.
من الناحية الفعلية لا يعتقد الناس ان هناك موقفا حاسما وصارما وعادلا من قضايا المال الاسود وشراء الاصوات فالجميع سمع وتابع القضايا التي حصلت في الانتخابات السابقة حيث ضبط مرشحون في عمليات شراء اصوات وتم اعتقالهم ليخرجوا من المعتقل الى مجلس النواب دون متابعة الجرائم الانتخابية التي ارتكبوها.
في حديث لأحد النواب السابقين على قناة رؤيا الفضائية مساء الاثنين الماضي إشارات خطيرة حول توافق بعض المرشحين على ألا يقدم أي منهم على رفع تسعيرة الصوت عن السقف المتفق عليه. الملاحظة التي أبداها النائب والكاتب النمري تذكرني بالدراما المصرية حيث يتواعد اللصوص للقاء بعد صلاة الفجر وبإذن الله.
الغد