بقلم: رانيا اسماعيل
لقد تغير مفهوم التنمر عما كان سابقا ، فقد كان مقتصرا على المراهقين داخل المدارس وفي الأحياء والملاعب، لكنه الآن مختلف جدا، فالبعض على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم وتحصيلهم العلمي يستخدمونه وبحرفية عاليه ، فالتنمر الإلكتروني هو عبارة عن مجموعة من السلوكيات العدوانية والمهينة والمقززة التي يستخدمها بعض الأشخاص للتخويف أو الحاق الخزي والعار بشخص ما. عن طريق استخدام لغة مسيئة و غير إنسانية ضده، والاستهزاء به ،و مشاركة مقاطع الفيديو أو الصور الخاصة به ، لا سيما تلك ذات الطبيعة الحساسة والمحرجه. وما يزيد الأمر سوءا هو صفة الاستمرارية وإمكانية التوزيع الكثيف عبر شبكات الإنترنت.والشراهة بنشرها .
هنالك خصائص للمتنمرين إلكترونيا ، فهم يفتقرون إلى الوعي الشخصي، و غير مدركين لكيفية فهم أنفسهم وفهم الآخرين. وغالبًا ما يجدون طرقًا لتبرير سلوكهم الخاطئ ، وليس لدى المتنمرين احتراما لأنفسهم وذواتهم، فلم يعتادوا تقدير أنفسهم ، فهم يصنعون ولا يولدون . فأسلوب التربية منذ الطفوله الصعبة، والتفاعلات الاجتماعية الغير صحية أدت إلى تدني احترام الذات لديهم ، والذي يمكن أن يصاحبه سلوك عدواني قد يخلق شخصا لا يفتقر إلى مهارات الإتصال فحسب ، بل يشعر بالحاجة إلى الدفاع عن نفسه باستمرار.ويتصالح مع عدوانيته، ثم يبحث عن ضحايا أضعف لتعزيز شعوره بالتفوق الناتج عن عقدة فشله بالحياة.
المتنمرون بحاجة للسيطرة على شيء ما مهما كان، لأنهم بالأصل كان مسيطر عليهم، فهم ينتقدون ويؤكدون هيمنتهم على الآخرين كوسيلة للتكيف.ويشهرون ويسبون لحماية أنفسهم الهشه ،فهم يعجزون عن إبداء رأيهم بأنفسهم ، لذا يعطون رأيهم السلبي بالآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي دونما مواجهه.
وللأسف فإن الشخص الذي يتعرض للتنمر الإلكتروني لا يستطيع الهرب من المتنمرين مهما بعدت المسافات ،فمجرد قام أحد المتنمرين بنشاطه العدواني المخزي ،تبعته القافلة رغم عدم معرفتهم الشخصية بالمتنمر ،وعدم معرفتهم بالضحية أيضا ، ويبدأ اطلاق الأحكام العرفية على الضحية ، والتحليلات الظالمة والمؤذية ، وينسون أخطائهم المتكررة ويتعاملون وكأنهم مخلوقات ملائكية لا تعرف الخطأ.وتبقى الضحية في دوامة الخطر النفسي والمشاعر المتضاربة، و الشعور بالوحدة والصراع الداخلي المستمر ، والخوف من الأسوأ، والعزلة الاجتماعيه ، وتدني احترام الذات ،والقلق والاكتئاب ، واليأس والتي قد ترتبط جميعها بالفكير بالانتحار.
وللأسف انتشرت ظاهرة التنمر الإلكتروني بشكل كبير داخل مجتمعنا الأردني ،وستكون تبعاتها خطيرة في حال عدم السيطرة عليها ،خاصة وأننا نعيش بمجتمع محافظ نوعا ما ،أقدر أننا نمر جميعا بظروف صعبة بسبب كارثة فيروس كورونا ،لكن ليس معنى ذلك أن نفرغ محتوى التوتر الداخلي على أشخاص قد نتسبب بدمار حياتهم ومستقبلهم ،فالسيطرة على النفس وهفواتها مطلوبة في هذه المرحله …….ودمتم
raniareena@yahoo.com