أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ربيحات يكتب: فارس النابلسي.. ماذا أبقيت لنا؟

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كتب: الدكتور صبري ربيحات

التقيته للمرة الاولى في منزل المرحوم شاهر ابو شحوت. كان ذلك عام ١٩٨٦. كنت اعرف الكثير عن مسيرة والده من تشكيل الحكومة الى الاقامة الجبرية واحاديث وروايات عن ذلك الزمان ونجومه.

كنت اشعر بأنه وكل ابناء المناضلين اشخاص لا يتمتعون بالكثبر من الحرية فالارث الذي ينهضون به ثقيل ولا يستطيع هو ولا صالح رشيدات ومؤنس الرزاز ولا سعيد التل وامجد المجالي ان يتحرروا من قيود التراث فقد ارتبطت صورهم الذهنية بصور الاباء والاشقاء.. لم يكن البعض يقوى على حمل الارث لكن فارس فعل.

من الرجال الذين اكتهلوا في شبابهم.. بقي حارسا امينا على ارث سليمان النابلسي والمرحلة التي نسترجع لحظاتها كلما اردنا ان نبرهن على امكانية تحقيق التداول وسمو الروح الرفاقية التي تحلى بها سليمان النابلسي وعبدالحليم النمر وحمد الفرحان وشفيق رشيدات وصحبهم....

لسنوات طويلة انشغل فارس النابلسي بالمحاماة المغموسة بمبادئ العروبة والحق والنضال قبل ان تعود الحياة البرلمانية الى سابق عهدها ويعود معها الالق التاريخي.

ظهر ابو سليمان كاحد نجوم برلمان ١٩٨٩.. وفاز بالمقعد الذهبي للدائرة الثالثة الى جانب طاهر المصري وفخري قعوار، كيف لا وقد ذكر الناس بمجد والده عندما كسا شوارع الدائرة بشعاره" الماضي.. الحاضر.. المستقبل"... والتف حوله الناس المتعطشون الى التعبير عن الحلم الذي وعدت به الشعارات.

ما أن امضى سنواته الاربع تحت القبة حتى ادرك ان الواقع يختلف كثيرا عن الاحلام فآثر ألا يستمر في هذا المسار كما بقي بعض رفاقه الذين لم يحافظوا إلا على مواعيد تجديد صبغات شعورهم.

في عودة ابو سليمان الى المحاماة ونشاطه الاجتماعي اصبح مزارا يأتيه الرفاق والمحبون من كل جنبات البلاد واطيافها.. في مرات عديدة رفض فارس النابلسي الوزارة وداعبه احد الرؤساء الدمثين بالقول انها صعبة في المرة الاولى لكن ما ان تجربها حتى تدمن عليها.

في مطلع الالفية الثالثة دخل ابو سليمان حلبة العمل الوزاري نائبا مقربا للرئيس علي ابو الراغب حيث بقي ملازما له طوال فترة ولايته وبالرغم من ان ابو الراغب بدّل عشرات الوجوه وغيّر في هيكلية حكومته مرارا الا ان فارس النابلسي كان وبقي الثابت الوحيد في تركيبته المعقدة.

اليوم وبرحيل ابو سليمان يفقد الاردن احد رجالاته الذين حفظوا العهد وحملوا الارث واخلصوا للهوية.. ويفقد رفاقه مضيفا بقيت دارته الملتقى اشبه ما تكون بالمعهد السياسي.

في دارة ابوسليمان التقى الغرباء واصبحوا اصدقاء وحضر البعض ليستفيد من فرص التلاقي التي اتاحها فارس النابلسي فاصبح بعضهم وزراء ومدراء ونواباً.

في هذا اليوم اشارك العشرات من الرفاق والمحبين الحزن ودعوات الرحمة لواحد من اكثر رجالات الاردن لطفا وحبا وسماحة وربما اكثرهم شغفا بالشأن العام واستذكار قصص الماضي.

سافتقد كما يفتقد الكثير من ابناء الاردن ورجال العمل العام ما كان يمثله ابو سليمان وسيختلف طعم قهوة الصباح التي كانت طقسا يتناوب عليه القوميون واليساريون والحكوميون.

الرحمة لروحك والعزاء للاخ الدكتور محمد واسرته وال النابلسي وكل الاصدقاء والمحبين.

مدار الساعة ـ