النفايات طعام الفقراء !!
عندما يرخي الليل سدوله وتسهى عيون الانسانية ويغط الضمير في سبات عميق وتلتحف الشفقة والرحمة بغطاء الانانية والذاتية ويفقد الشعور احساسه بمن حوله وتغلق القلوب عن كل معاني الانسانية, تتسلل مجموعة من خاوي البطون ومعدومي الحال تحت جنح الليل متسترين بالظلام او من وراء لثام خوفا من ان تكشف ملامحهم لمن يعرفهم من الاهل والجيران, وللحفاظ على بعض ما تبقى لديهم من الكرامة البشرية وهروبا من شماتة الساديين..
تراهم يلتمسون طريقهم عبر الازقة والشوارع بحثا عن بقايا الطعام والمخلفات في حاويات النفايات لعلهم يجدون فيها ما يسدون به جوعهم ويغنيهم عن مد ايديهم للعوام, وخوفا من وقوعهم في حبائل الشيطان فالجوع كافر والكفر به حلال..
وفي ظل ضيق الصدر وعسر الحال, يشقون على انفسهم ويتحملون الرذيلة والهوان من اجل اطفال كزغب القطا يجافيهم النوم وهم يتقلبون جوعا في مهاجعهم بانتظار ما قد ياتيهم من طعام يسكتون به قعقة بطونهم وصراخ امعائهم والدموع تنهمر من عيونهم حزنا والما من واقع مرير وحال سقيم ومجتمع ظالم لئيم لايرعى فيهم الا ولا ذمة, واضعين نصب اعينهم مقولة صبري على نفسي ولا صبر الناس علي, ان هذه صورة لما يحدث عندنا وليس ما يحدث في مجاهل افريقيا اوفي غابات الامازون او عند قبائل الماو ماو .
والمعلوم انه في كثير من الاحيان تشكل النفايات سوقا ومصدر رزق للفقراء والمحتاجين لما تحتويه من مخلفات ومواد مستهلكة او اثاث او بقايا مواد البناء وغيرها ويتم بيعها وقد يحققون دخلا افضل مما يحصلون عليه من دخل الرعاية الاجتماعية الشهري هذا ان وجد والذي لا يسمن ولا يغني من جوع, وتراهم في كثير من الاحيان في سباق مع القطط والكلاب وعمال جامعي القمامة حتى لا يفقدون احقيتهم فيما لفظه الاخرون, وهناك كثير من الاسر في بلدنا اصبحت مهمة التفتيش عن القمامة ونبشها وسيلة لكسب العيش وتحصيل الرزق برغم ما تحتويه من جراثيم وامراض.
كل هذا يقع تحت سمع وبصر المسؤولين والنواب وطبقة الاغنياء, وفي ظل غياب العدالة الاجتماعية وسوء توزيع الثروات, فهل هذا ما صنعته ايدينا او ما قدره علينا القدر؟
