مدار الساعة - كتب: د. راضــي العتــوم.. مدير عام معهد الإدارة العامة سابقا
أقرّ مجلس الوزراء الموقّر نظام إعفاء الأمتعة الشخصية والأدوات والأثاث المنزلي للمغتربين الأردنيين عند عودتهم للبلاد، حيث اشترط النظام عدّة شروط موضوعية، وأخرى إجرائية لاستحقاق الإعفاء وتوثيق ذلك على جواز السفر، وذلك بتاريخ 9/2/2020م.
أمّا ما يُلفت النظر فهو ما جاء بالمادة (4/أ) بشروط الإعفاء ونصّا " أن يكون قد مضى على إقامة المستفيد خارج المملكة مدة لا تقلّ عن سنة متصلة". وجاءت التعليمات الخاصة بتنفيذ أحكام النظام لتُعزز ذلك الشرط الوارد بالنظام.
إنّ ما يعنيه النصّ على اطلاقه هو أنه لا يحقّ للمغترب جلب وترحيل اثاث منزله إذا لم يمكُث في دولة الاغتراب مدّة سنة كاملة ومتواصلة حتى لو أقام فيها عدة سنوات فأكثر عاملا في الخارج؛ أي أنّ من زار الأردن خلال آخر سنة قبل انتهاء عمله لا يحقّ له جلب أثاثه...!!
وأعتقد إذا كان المقصود هو حرفيّاً كما جاء بالنص لمادة النظام، فهذا يعني الآتي:
هناك ظروف قد تضطر المغترب لزيارة بلده، وبالتالي لا يستمر بقاءه سنة متواصلة خارجها، فهل يعاقب النظام المذكور على هذا؟
هناك عدد كبير من المغتربين في دول الخليج العربي يسافرون كل شهر مرّة الى الأردن، وبعضهم مرتين أو أكثر كل شهر، فهل بهذا السفر لا يستفيد قطاع الطيران والسياحة حتى يعاقبه النظام؟
خلال العام هناك عيدان رئيسان وهما عيد الفطر وعيد الأضحى، فهل سيبقى المغترب جالسا في بلد الاغتراب ولا يشارك أسرته وأقاربه وبلده العيد؟
معاقبة من زار البلد الأم خلال سنة العمل، فإذا كانت أنظمة العمل بدول الاغتراب تقضي بذلك بل وتحثّ على قضاء الاجازات والاستفادة منها لإعادة نشاط الشخص مرّة أخرى بعمله، فكيف بدولة الأم تعاقبه على ذلك؟
ومع الظروف المستجدة لجائحة كورونا كما اعتمدت تسميتها من الحكومة، اليس لهذا الظرف حالة خاصة، وقد تضطر المغترب للعودة قسرا الى الأردن بحُكم انهاء عمله للظروف المستجدة حتى وإن لم يمض على عمله سنة كاملة؟!
إن خلاصة ما يعنيه المنع بالاشتراط لقضاء السنة المتواصلة في بلد
الاغتراب يضرّ بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي للأردن وللمغترب وعائلته ولذويه في آن معا، فأين تشجيع السياحة، وتعزيز الانفاق الوطني لدعم حركة الأنشطة الاقتصادية وبالتالي النمو الاقتصادي؟
هذا إضافة الى أن المغترب الذي اشترى الأثاث والتجهيز لسكنه في بلد الاغتراب ماذا عليه أن يفعل به، أن يضطر لبيعه بثمن بخس لا يصل الى 20% من قيمته لظروف الحاجة للسفر، ولظروف الجائحة فوق ما تحمّله من مصاريف وأعباء بفترة التعطّل عن العمل؟!
اليس هذا المغترب كفى الدولة الأردنية عبء البطالة، الا يزود المغتربون الاقتصاد الأردني بما يزيد على ملياري دينار سنويا، والذي تفتخر به الحكومة والبنك المركزي؟
وأخيراً، إنني وبحكم خبراتي المتعددة، وعملي بالقطاع العام ما يقارب العشرين عاما، وخبرتي المتواضعة في صياغة الأنظمة، أعتقد جازماً أن هناك سهواً ما أو خطأً غير مقصود بالبند (أ) من المادة (4)، فقد يكون النص المقترح من وزارة المالية ودائرة الجمارك، والتي أعتزّ بعملي بالوزارة مستشارا لمدة ثلاث سنوات تقريباً، لا يتضمن الكلمة الأخيرة وهي (متصلة) حيث جرى اضافتها من المراحل التشريعية اللاحقة وسقطت سهواً على النظام.
ولتفادي الخطأ التطبيقي، آمل اصدار تعليمات تطبيقية للمادة (4/أ) من النظام رقم (42) لسنة 2020 من أجل تيسير وتفادي الإشكالات الحاصلة جراءه، خاصة في ظلّ جائحة الكورونا، وتعديل ذلك النص فقط بشطب كلمة "متصلة" من المادة وفقا للإجراءات الدستورية لاحقا.
حمى الله الأردن قيادة وشعباً من كل شرّ ومكروه،