كتب: ابراهيم الزعبي
ولي الدم لن يساوم على الدم.. وعلى حزب الله أن يضحي ويسلم الجناة.. لقد قالها رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري بقبوله بحكم المحكمة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال والده، رفيق الحريري، قبل 15 عاماً، واختصر المشهد وحال لبنان بثلاث كلمات: «نريد تطبيق العدالة».
الحريري ولي الدم.. كان بين خيارين أحلاهما مر، ولبنان واستقراره بالنسبة له خط أحمر، والبلد الذي عانى ويعاني منذ عقود، وتتجاذبه المصالح الاقليمية والدولية، لا ينقصه دق المسمار الأخير في نعش الدولة المتهالك والمبتلى بمرض الطائفية البغيض، فالسمو فوق الجراح في هذا التوقيت يكون من الحكمة خوفا من انجرار البلد الى ما لا يحمد عقباه.
خمسة عشر عاماً مضت على إغتيال «الحريري الأب» وصحبه.. وخمسة عشر عاماً أو خمسون أو مئة، لن تكون كفيلة بمحو آثار الجرح النازف في الجسد اللبناني، وما حصل شنيع، وطال رمزيّة وسيادة الدّولة كدولة، وهيبتها كمؤسّسات أمنيّة تزامناً مع الوجود السوري فيها آنذاك، وخمسة عشر عاما كانت كفيلة بتحويل مبدأ الإختلاف في هذا البلد إلى برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة.
في مواقف الشدة تظهر معادن الرجال.. وسعد وجميع اللبنانيين يدركون الحقيقة حتى وان لم تقل المحكمة الدولية كلمتها، وهو يدرك أن تغليب لغة العقل والحكمة في هكذا مواقف، قد تكلفه الكثير من رصيده لدى تياره ومناصريه، لأن القضية في نظرهم لم تعد قضية ارث عائلي، ولبنان هو ولي الدم،وما جرى هي قضية جميع اللبنانيين، وهي ركيزةٌ من ركائز سيادة لبنان وعليه يجب إحقاق الحقّ والحقيقة وإنفاذ القصاص العادل بحقّ المقرّر والمخطّط والجناة.
لبنان في نظر تيار المستقبل وفريق 14 آذار، هو لبنان السيادة، وسيادته لا تتحقق الا برجوع هيبته التي تستبيحها المواد المتفجرة والرصاص منذ عقود، والهيبة يجب أن تسير بخطى ثابته وهادفة لبناء دولة القانون والمؤسسات التي تكون العدالة فيها لجميع اللبنانيين.
سعد الحريري.. ليس وحده من يملك الحقيقة، وقد يخطىْ أو يصيب، لكن الأمر في نظره.. لبنان أولا.. وهو يراهن على حكمة ووعي الفريق الآخر، بالرضوخ لحكم المحكمة الدولية وتسليم الجناة للتخفيف من الاحتقان في الشارع اللبناني الذي ما زال تحت تاثير صدمة تفجيرات مرفأ بيروت، والتي في نظره جريمة اخرى اغتالوا فيها بيروت تزامنا مع النطق بالحكم في جريمة اغتيال الحريري الاب، اضافة الى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه اللبنانيون، واستقالة الحكومة والكورونا، جميعها ملفات تستوجب الحل، ولبنان لا يحتمل مصائب جديدة، قد تهوي بما تبقى ?ن كيان الدولة.
أخبرهم يا سعد.. أن لبنان أكبر من الجميع، وأن الحق والحقيقة لا يضيعان، ولكن حين تقف على المفترق، يكون الخياران أحلاهما مر، ولسان حالك اليوم يقول: «كرمال عينك يا لبنان تكرم مرج عيون.. والله ينجينا من الآتي». الرأي
Ibrahim.z1965@gmail.com