أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

بلال التل يكتب: يوم للحداد الوطني

مدار الساعة,مقالات مختارة,جامعة آل البيت
مدار الساعة ـ
حجم الخط

لو كنت صاحب قرار في الدولة الأردنية لجعلت يوم الأثنين الماضي 10/8/2020 يوم حداد وطني تُنكس فيه الأعلام, لأننا فقدنا في ذلك اليوم ثلاث قامات علمية وأكاديمية من رؤوساء الجامعات الحاليين والسابقين, ممن حققوا حضوراً عالمياً ساهم في رفع أسم الأردن عالياً في المحافل العلمية والأكاديمية الإقليمية والعالمية فشكل رحيلهم خسارة وطنية, ففي ذلك اليوم فقدنا الأستاذ الدكتور عبد السلام العبادي الرئيس الأسبق لجامعة آل البيت ووزير الأوقاف الأسبق, والأستاذ الدكتور أنور البطيخي الرئيس الأسبق للجامعة الهاشمية, والأستاذ الدكتور عدنان الخشمان رئيس الجامعة الأمريكية في قبرص, وهي خسارة أكاديمية كبيرة يضاعف من خسارتنا فيها, أنها جاءت في وقت صرنا نعاني فيه من تدهور المستوى الأكاديمي للجامعات, التي صارت مخرجاتها تشكل أزمة وطنية من حيث تدني مستوياتها وعدم ملائمتها لأسواق العمل, مما يعني أننا بدأنا نُصاب بمقتل, ذلك أن القوى البشرية الأردنية المدربة والمتميزة شكلت واحدة من أهم روافع نهضة الأردن وتطوره, مثلما شكلت واحدة من أهم روافد الاقتصاد الأردني, وهي واحدة من أهم خطوط الصورة المشرقة للأردن إقليمياً وعالمياً, وهو ما اختصره كله جلالة المغفور له بأذن الله الحسين عندما قال "الإنسان أغلى ما نملك" وهذا الإنسان الذي تحدث عنه المغفور له تعلم وأُعد على أيدي أساتذة كبار أمثال الذين رحلوا عنا يوم الأثنين الماضي وصرنا نتوق إلى أيامهم الخوالي, التي اتصفت بالأخلاص والتفاني, والحرص على بناء الإنسان ليكون أغلى ما نملك من النواحي الفكرية والعلمية والمسلكية.

لقد خسرنا برحيل العلامة الفقيه الأستاذ الدكتور عبد السلام العبادي, قامة علمية وفقهية متميزة, اتصفت بغزارة العلم وبصلابة الموقف, وبالعناد في الدفاع عن ما يعتقد أنه حق, وكان دؤوب بالعمل على الوصول إلى هدفه في القضايا التي كان يؤمن بها ويتبناها, ولعل ذلك ما سبب له خصومات مع كثيرين, لكنه لم يكن يبالي, فعلى المقلب الآخر كان كثيرون يقدرون له ذلك ويحترمون صفاته وأولها غزارة علمه وفقهه, التي جعلته شخصية دولية دائمة الحضور في المنتديات العلمية والمجامع الفقهية حتى رحل وهو يشغل منصب الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي العالمي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي, حيث وري في مكة أطهر بقاع الأرض بالقرب من أول بيت وضع للناس, لعل ذلك من علامة قبوله نسأل الله له الرحمة.

كما خسرنا الدكتور أنور البطيخي, صاحب الأبتسامة الرضية والدائمة, الذي أمتاز بقدرته على نسج العلاقات الإنسانية الدافئة ولاغرابة في ذلك فهو إبن عائلة عمانية عريقة غرست فيه قيم الحب والعطاء الذي جسده الراحل تفانيا في الإخلاص، وقدرة فائقة على تحمل الظلم بصبر واحتساب،و تفوقا في فتح المجال أمام الطاقات الشبابية, وتبني القدرات العلمية وفتح الأبواب أمامها, وهو العالم المؤسس للجمعية الأردنية للبحث العلمي, وأول رئيس لها,وهو المؤسس للجامعة الهاشمية، وهو أيضا الأمين العام للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، والمقدر عالمياً لإنجازاته العلمية التي تشهد عليها أوراقه البحثية التي صارت مرجعاً للباحثين من أهل العلم والمعرفة, اللتان تميز بهما أنور البطيخي رحمه الله, وهو الأمر الذي يضاعف من خسارتنا فيه على المستوى الإنساني والعالمي.

رحم الله علمائنا الذين أختارهم إلى جواره ونسأله أن يعوضنا في خسارتنا لهم.

مدار الساعة ـ