بعد مرور خمسة اشهر على شغور موقع المفوض العام لحقوق الانسان والكثير من التخمينات حول شخصية وصفات وطبيعة من سيجري اختياره, نجح مجلس امناء المركز الوطني لحقوق الانسان في الوصول الى قرار بترشيح المحامي الاستاذ علاء الدين العرموطي للموقع والتوصية الى مجلس الوزراء بتعيينه ليصدر القرار منهيا بذلك حالة الانتظار والترقب.
قرار تعيين العرموطي الذي عمل منذ اكثر من خمسة عشر عاما مع الفريق الوطني المعني بتأسيس وتطوير فكرة ديوان المظالم وصولا الى تحويلها الى ركن من اركان منظومة النزاهة الوطنية قبل ان يجري دمجها في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد قبل اعوام.
بالرغم من تأخر البت في تعيين المفوض إلا أن الاختيار جاء مطمئنا وباعثا على الامل في ان يلعب المفوض دورا في النهوض في هذا الملف المتخم بالقضايا والتحديات التي تتعاظم كلما طال بقاء المجتمعات غارقة في اجراءات الحماية الصحية والمعالجات الطارئة للآثار التي تتبدى لجائحة الكورونا على الافراد والجماعات.
المهام التي يتولاها المجلس والسعي الحثيث الى اشاعة الشعور بالعدل والتصدي للانتهاكات والتخفيف من وتيرة القلق لا ولن تكتمل الا بوجود مفوض عام يتمتع برؤيا واضحة وعقلية مهنية وشخصية مستقلة تتحلى بالموضوعية والحياد.
على أجندة المجلس وأمام المفوض الجديد العشرات من القضايا والتحديات التي يقع في مقدمتها تحسين شروط وبيئة حقوق الانسان واشاعة الشعور بالعدل وخلق الوعي بأهمية التشاركية والعمل الجماعي لإدامة بعض السمات والخصائص المجتمعية التي من الممكن ان يؤدي الفقر والعوز والخوف الى تلاشيها. الحاجة الى السلم المجتمعي الذي قد يهدد في زمن المحن والجوائح والتقليل من الحوادث التي تفضي الى العنف المجتمعي الذي اصبح يتنامى بمعدلات يصعب ضبطها.
في بيئة عالمية يتراجع فيها الاقتصاد ويتنامى التباعد ويزداد انشغال الساسة بمكافحة كورونا يخبو الاهتمام بحقوق الانسان وتنحصر السلطة في ايدي من يجابهون الخطر الصحي يسقط الكثير من الافراد والفئات الهشة بين الشقوق ويحتاج المجتمع الى من يذكر القوى والسلطات بإنسانية الانسان وحقوق الافراد التي قد تندثر بلا عودة.
الاعتصامات والاحتجاجات والاعتقالات والاغلاقات للهيئات والجدل الدائر حول حدود المسموح والممنوع تطل برأسها وتتطلع الى مجلس الامناء والمفوضين ألا يبقوا صامتين او متفرجين على ما يدور في البلد الذي اعتاد ان يجد فيه المراسلون للقنوات الاخبارية والصحف العالمية ما يقولونه عن التسامح والتعايش والتقبل للآخر الكثير وكل يوم.
في غياب مجلس النواب وتكلس الكثير من ادوات الاعلام والاستقالات الجماعية للقضاة وتزايد حالات التفتيش والملاحقة للمتهربين ضريبيا وتنامي اعداد الروايات والاقاويل ودعوات الشكوى والتظلم وغياب الرواية الكاملة لما يدور والمنهجية التي تحكم العمليات والعوائد المالية للتسويات والتحصيل، يتطلع المواطن الى ما يمكن ان يبعث في نفسه الطمأنينة ويؤدي الى السلم المجتمعي.
مع انشغال الولايات المتحدة والمنظمات الدولية التي تعنى بكرامة وحقوق الانسان والفئات الاكثر عرضة للتعدي والاستغلال يحتاج الأردن الى نموذج جديد يحترم الثقافة والقيم التي شكلت الهوية وينفتح على ما يقوم به العالم من اجراءات لحماية وتنمية وصيانة ثقافة حقوق الانسان والالتزام بها.
الاتفاقيات التي وقعها الاردن وقامت الحكومات الاردنية بالمصادقة على غالبيتها العام 2006 تحتاج الى مراجعة حثيثة من المجلس واستخدامها كإطار توجيهي مساند للغنى الذي تحمله القيم والاخلاق والافكار التي تحملها الشرائع السماوية بصفتها الاصل الاهم والابرز للحقوق التي تعلمتها البشرية والتزمت بها.
نعول ونحن نراقب مسيرة المركز على اختيار المفوض الجديد الذي كان رائدا في ادخال وتسويق فكرة ديوان المظالم يوم قاومها العديد منا عندما عرضها على اللجنة القانونية التي كنت احد اعضائها في الاعوام 2005-2006 ولم يفقده ذلك الرفض للحماس الذي حمله طوال سنوات عمله وقبل ان يجري إلحاق الديوان بالنزاهة ومكافحة الفساد.
الغد