انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

أحمد البطاينه يكتب: من أين لك هذا وكسر ظهر الفساد

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/30 الساعة 15:45
حجم الخط

بقلم الدكتور أحمد صالح البطاينة

كثيرة هي القضايا التي تشغل الرأي العام الأردني، لكن الفساد بكافة أشكاله وألوانه من أهمها وفي مقدمته الفساد المالي الذي تعلن كل حكومة حربها عليه بلا نتائج حاسمة تقنع الشعب، بل ان الضعف في مقاومته ومحاسبة الفاسدين الذي لم تتجاوز حدود الانتقائية والموسمية، يكاد يكون أهم عامل من عوامل تآكل ثقة الشعب بالحكومات، ناهيك عن تآكل الثقة ببقية أجهزة الدولة الأخرى المعنية بهذه القضية من جانب، ومن جانب آخر بمدى فعالية السلطة التشريعية للحد من تغوله، والاعلام كسلطة رابعة لمتابعته بمهنية للكشف عنه.

إن محاربة الفساد وكسر ظهره بأن لا حصانة لفاسد في دولة المؤسسات والقانون لم تكن بأي حال من الأحوال برفع الشعارات، ولكن بتوافر الإرادة السياسية الحازمة والجادة والكفيلة إذا توفرت بحشد كل جهود كل الجهات التي ذكرناها آنفاً لوضع حد لكل من سولت وتسول له نفسه سابقاً ولاحقاً مهما علا شأنه أن يتطاول على حق الشعب في الاطمئنان بأن من يتولى تسيير حياته منزهاً وحريصاً على موارده ومقوماته وأمنه واستقراره.

وإذا كنا بالفعل جادين في كسر ظهر الفساد في بلدنا التي لم يعد بمقدورها تحمل تبعات الفساد وكلفته الباهضة مهما كان شكله بشكل عام والفساد المالي على وجه الخصوص ، فإن وضع قانون "من أين لك هذا " بأنياب قوية وتطبيقه بكل حزم يأتي في صلب الإرادة السياسية لشن حرب فعلية على الفساد الذي يفسد حتى القيم والثقافة العامة في التعاطي مع أي شأن من شؤون الوطن.

لقد عاصرنا الزمن في وطننا العزيز الذي لم يكن فيه الفساد بالشكل والحجم الذي أصبح عليه، وتأثيره حتى على تبدل القيم إلى عكسها. كلنا نذكر كيف أن عرض ما يسمى " بالبقشيش" على المواطن الأردني لقاء خدمة يقدمها، أو واجب يقوم به كان مستهجناً، بل أنه كان يعتبره إهانه له، أما اليوم فقد إصبح لزاماً وأمراً واجباً ومستهجناً إذا لم تدفعه إلى كل من يؤدي أي خدمة للمواطن حتى ولو كانت هذه الخدمة من صميم وظيفته وواجبه.

لقد تأخرنا في تشريع قانون من أين لك هذا لكسر ظهر الفساد، لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً ، ونحن الآن أحوج بلد في الدنيا لهذا القانون الذي إذا شرع بأنياب وطبق بقوة وحزم، وبمعزل عن أي اعتبارات سواء كانت سياسية أو اجتماعية، فسيكون ليس فقط القوة الضاربة لتنظيف البلد من الفاسدين والمفسدين ومحاسبة الذين حصلوا على ثرواتهم بطرق غير مشروعة وهم كثر، بل سيكون أيضاً السلاح الوقائي الذي يحمي البلد من أي تطور للفساد، وسيبعث برسالة إلى الشعب بأننا نعيش فعلياً في دولة المؤسسات والقانون.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/30 الساعة 15:45