انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

د. محمد الفرجات يكتب: الكارثة التي تنتظر بيئة المتوسط بعد ملء سد أثيوبيا

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/28 الساعة 19:31
حجم الخط

كتب أ.د. محمـــد الفرجـــ ات

منذ نحو 30 مليون سنة تشكل حوض النيل وتطور مساره وحوض تصريفه جغرافيا وجيولوجيا، ويقوم بتصريف مليارات الأمتار المكعبة من الماء العذب عبر دلتا النيل في البحر الأبيض المتوسط، وذلك بعد إنتهاء رحلته التي تمتد أكثر من 6 آلاف كيلومتر من الجنوب للشمال، حاملا معه وفرة معدنية من العناصر الكيميائية والمواد العضوية المختلفة، إضافة للطمي والرواسب مختلفة الأحجام.

البحر الأبيض المتوسط يعد شبه محيط مغلق، وينفتح على بحار العالم جهة المحيط الأطلسي من مضيق ضيق جدا (نسبة لمساحة المتوسط ذاته) يقع بين حافتي المغرب وإسبانيا، وتتجدد مياهه لذاك بوتيرة زمنية بطيئة.

كل ذلك يجعل البحر الأبيض المتوسط والذي تتشارك حوضه عشرات الدول من قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، بيئة بحرية ذات خصوصية بأحيائها وشبكاتها وسلاسلها الغذائية، إضافة لكيمياء وطبيعة مياهها.

الخلط الكيميائي الذي يحدث يوميا بين مياه النيل العذبة ومياه المتوسط المالحة، يساهم بتحديد المعادن التي تذوب والمعادن التي تترسب في بيئات وأعماق وأنطقة البحر المتوسط المختلفة، ويساهم بإقامة إتزان يبقي على الصفات الفيزيائية والكيميائية لمياه البحر من حرارة وحموضة وملوحة وتعادل بين الأيونات المختلفة، وينعكس ذلك بالتأكيد على العلاقة ما بين مياه البحر المتوسط ذاتها والغلاف الجوي المحيط، ويحدد طبيعة وكميات التبخر والرطوبة والإشعاع الشمسي المنعكس، ويحدد بالتالي طبيعة طقس ومناخ دول الحوض بشكل أو بآخر.

كما وأن الخلط الكيميائي المذكور سابقا يحدد نسب الأملاح والعناصر الذائبة والمترسبة، وبالتالي العلاقة بين الطور المائي والمعدني في ذات البيئة البحرية، ويحدد لاحقا طبيعة وكميات الأغذية البحرية المتوفرة للأسماك والأحياء المائية، وتكاثرها وهجرتها وأعدادها... إلخ.

الصدمة التي سيعانيها البحر الأبيض المتوسط شبه المغلق، تبعا لفقدان مليارات الأمتار المكعبة من ماء النيل الجاري العذب الغني بالأكسجين، والغني بالطمي ذات التنوع المعدني والعناصري، لا شك بأنها ستؤثر سلبا على بيئات وأحياء ومياه المتوسط، وسينعكس ذلك سلبا على المناخ العالمي، وعلى دول الحوض المتوسطي.

ما نتوقعه تبعا للإستشراف النماذجي عند ملء سد أثيوبيا على البحر المتوسط سردناه أعلاه، وهو قليل جدا من حقائق صادمة لا نعلمها بعد، ستظهر تباعا لهذه الكارثة المنتظرة.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/06/28 الساعة 19:31