بقلم أوس حسين الرواشدة
في الآونة الأخيرة ازداد الإقبال على " متاجر " التكفير ، وازداد عدد الزبائن التي تشتري صفة " الكافر " لتطلقها على من تشاء ، بدون تفكير او حتى أي تردد ، متناسيين بذلك أنَّ ديننا دين الرحمة والتسامح ، وتقبل الآخر بكل صدر رحب ، ولعلَّ أكثر فئةٍ مؤيدة لتكفير الناس ، هم الشباب الذين عَلِقوا في " قوقعة " التدين ، والخوف من التفكير ، وأخذوا بعضا من كلام الله وتركوا أكثره .
تضجّ صفحات التواصل الاجتماعي بمنشورات تتعلق بتكفير الناس واتهامهم بالإلحاد ، فقط لأنهم قدّموا مواضيعا من زوايا مختلفة ، أو حتى لأنهم ارتكبوا آثاما لم ولن يعتبرها الإسلام فعلا مبرراً لتكفيرهم ، خذ مثلا من يُقدم على الانتحار ويقتل نفسه بيده ، هو كافر في أعين الكثير ، مرتكزين بذلك على قول الله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم " ، ألم يأمرنا جلَّ جلاله بعدم الكذب والسرقة وشرب الخمر أيضا ؟ ، أم أن هذا غير ذاك ؟ .
لم ننتهِ من وجود داعش وغيرهم وإلا وقد ظهرت نواة جديدة للإرهاب ، " الإرهاب الناعم " ، الذي سهّل تكفير الناس ، واعتبارهم أعداءً للإسلام فقط لأنهم اختلفوا مع المجتمع في الرأي ، ولعلَّ تكفير الناس ينبع من " حميّة " المجتمع وتهوره ، وعدم فهمه السليم في أمور الدين ، هنا يجب تهذيب تفكير المجتمع ، وجعله منفتحا على أي شيء ، يستوعبه ويفهم ملابساته ، ثم يناقش فيه ويتكلم عنه .
التكفير أصبح " علكة " في فم المجتمع ، وعليه التخلص منها بأسرع وقت ، هو لا يقلّ خطورة عن كورونا بسرعة انتشاره وسهولة الإصابة به ، والناقل لهذه الأوبئة واحد ، متهور لا يُحسن تقدير عواقب أفعاله ، فإن لم يعرّض صحة الناس الجسدية للمرض ، عرّض صحتهم النفسية لليأس وتعدّى على حقوقهم وأظهر لهم فِكراً لا يليق بالمسلم الصحيح .
الإسلام ليس بستانا لا يأكل منه إِلَّا أصحاب الرأي الواحد ، الإسلام حياة تماما كحياتنا ، فيها من الأعراق والأجناس واختلاف الآراء والمذاهب ما فيها ، ليس الإسلام لمالك واحد ، ولا هو رداء نرتديه متى نشاء ونخلعه متى نشاء ، هو دين وديدن ، هو التسامح والمعاملة الحسنة ، الإسلام رحمة للناس .