بقلم المحامي معاذ وليد ابو دلو
تحرك الشارع الامريكي وحصلت احداث ومظاهرات،بسبب قتل المواطن ذو البشرة السوداء جورج فلويد ،ويتضح من خلال الاحداث التي رافقت هذه التظاهرات ان الشعوب مهما تحضرت وتمدنت الا ان الخراب والخروج عن القانون في التعبير عن الراي يرافقها في بعض الاحيان ،وتفقد سيطرتها في التعبير عن الراي والتظاهر الغالبة بطرق سلمية .
وبذات الوقت يتضح بان الشعوب هي صاحبة القرار بالتحرك من عدمه سواء كانت بمواجهة حكومات منفتحة وديمقراطية كما نشاهد في دول أوروبا والولايات المتحدة الامريكية أو ديكتاتورية وقمعية كما حدث في دول من العالم الثالث و انظمة محتكرة للسلطة .
امريكا التي لا يتجاوز عمرها 250 مئتان وخمسون عام وعدد سكانها 331 مليون تربعت على عرش العالم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ،ووصلت القمة كدولة عظمى بعد ظهورها في اخر عام من الحرب العالمية الثانية عام 1945 ،واستغلت ارهاق الدول الاوروبية بشكل عام والمملكة المتحدة بشكل خاص ،الا انها عانت في تاريخها الحديث الذي لا يتجاوز 75 خمس وسبعون عام من العنصرية والكراهية سواء على اساس الدين والمعتقد أو اللون.
في اخر عشر سنوات زادت حالات الاعتداء والقتل على المواطنيين الامريكان (الافرو امريكي) ذو البشرة السمراء ،وكان اخرها قتل المواطن ذو البشرة السمراء جورج فلويد والذي اشعل الشارع الامريكي مما اضطر الى اعلان حالة الطؤارى في اكثر من 25 مدينة و انتشار القوات العكسرية واعتقال المئات مما يدل بان احفاد مارتن لوثر كينغ مازلوا يعانون مما عانى منه اجدادهم حيث ان اجدادهم حصلوا على حق الانتخاب بعد عام 1957 واصبحوا يشاركون في المدارس والجامعات والعمل والمشاركة السياسية كمواطنين بعد حركات عديدة من المطالبة بالحقوق المدنية والحريات والمساواة لفترة الستنيات من القرن المنصرم وعدم اعتبارهم مواطنين درجة ثانية .
الا ان وصول بارك اوباما الى البيت الابيض لايعني انهم وصلوا الى ما كانوا يصبوا اليه وهذا واضح منذ وصول ترامب أيضاً الى البيت الابيض فقد اعاد النزعة المتطرفة وجدد خطاب الكراهية والعنف والعنصرية،والمستغرب ان الامريكي ذو البشرة البيضاء والامريكي ذو البشرة السمراء قد جاءوا الى الاراضي الامريكية قبل قرون لا تتجاوز الخمسة فهم ليسوا اصحاب الارض الاصليين ،والسؤال متى سوف يكون هناك تعايش حقيقي وليس ملون و مزين كون الولايات المتحدة هي المدافعة عالميا عن حقوق الانسان والشعوب .
ان عودة خطاب الكراهية والعنصرية التي عادت للتجدد ممكن ان تحدث شرخ في الداخل الامريكي مما يحدث حرب اهلية على الامد الطويل كون ان نسبة المواطنين ذوو البشرة السمراء بارتفاع وازدياد ،الا ان وجهة نظر البعض التي احترامها والتي ترى ان هذه التظاهرات المستمرة منذ ايام ،سوف تسقط النظام أو الرئيس الامريكي، فانني اعتقد ان هذا الامربعيد فالولايات المتحدة ليست فقط رئيس فهي دولة مترسخ بها القانون وسيادته والفصل ما بين السلطات،ولو انحرفت في بعض الاحيان الا ان الاساس التي قامت عليه هذه الدولة من الصعب نسفه بسبب رئيس أو شخص على رأس ادراتها لمدة زمنية لا تتجاوز 8 سنوات ،بالاضافة الى ان الدول الديمقراطية الصندوق فيها وتاريخ الاقتراع هم من ينهون اي زعيم أو حزب او أيديلوجية .
لاشك ان هذه الاحداث وفايروس كورونا والاوضاع الاقتصادية والقرارات الخارجية التي تتبناها الادارة الامريكية من دعم صفقة القرن ومحاربة المنظمات الدولية ،ومناكفة الصين واشعال فتيل حرب باردة معها ،لن تكون في مصلحة الرئيس الحالي ترامب بمواجهة خصمه جون بايدن بالانتخابات الرئاسية القادمة حال عدم تاخرها وجرت في موعدها ،الا ان هذا امر يختلف عن ما يراه البعض من ان المظاهرات الحالية قد تؤدي الى عزل الرئيس الامريكي بهذه السهولة ،لذلك اعتقد ان الحديث عن ربيع امريكي هو ضرب من المحاولات سواء من الشامتين أو المؤيدين بسبب سياسات الولايات المتحدة الخارجية لكنه بعيد جداّ في هذا التوقيت.