الدكتور: علي منعم القضاة *
(زيطة وزمبليطة)، مثل شعبي كان يطلق على كل شيء قادم وجديد، وكان يقال في كلِّ فرح، أو عرس، أو احتفال، والزيطة هي في العادة حالة من الميمعة، أو من الفياعة المتناهية، أما الزمبليطة فهي ما ينتج عن هذه الزيطة من دفش، ورفش، وعراك، وعدم مبالاة.
أعتقد أن الناس في ضوء هذا التخبط بالقرارات، ستصل حالة الزمبليطة، وحال من اللامبالاة. كنتُ وما زلتُ من المنادين بفتح دور العبادة، أوقات الصلوات، ولكن أن تتعمد الحكومة فتح المسجد والكنائس في أشد أوقات الازدحام، فإنه بكل تأكيد أحد معاني الزمبليطة، المسلمين غير المصلين في العادة يذهبون أيام الجمع، حتى لو كانوا بالبيجامات؛ لكنهم يذهبون، وتكون المساجد مزدحمة جداً في كل أيام السنة، هذا هو حالنا تماماً مع القرارات الأخيرة، نفتح المسجد كل يوم جمعة، ونترك بقية الصلوات، من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله.
فهل من الحكمة أن نجعل أول دخول للمساجد بعد الجائحة وقت صلاة جمعة فقط، حيث الناس عطشى للمساجد، وجميع مساجدنا لا تتسع للمصلين أوقات الجمع العادية في الأصل، ودائماً يتزاحم المصلون وقت خروجهم من صلاة الجمعة؛ فبأي عقلية فتحت الحكومة المساجد في أكثر الصلوات ازدحاماً، حتماً سيكون الأمر كارثياً لو أن أحدهم كان مصاباً بالكورونا، عندها -لا قدر الله- لن يكون مقبولاً؛ لأي كان شعباً أو حكومة، أن يعزو الإصابة للصلاة، أو للمخالطة بسبب الصلاة، بل مرده إلى القرار غير الصائب في فتح المسجد بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من الإغلاق، وأن تكون أول صلاة هي صلاة الجمعة، أين هي المعايير التي تُراعي السلامة العامة في هذا القرار.
صام دهراً وأفطر بصلاً
لم يعرف العالم كل العالم، دولة تلاحم شعبها وحكومتها وتناغم موقفهما معاً، كما هو حال الشعب والحكومة في الأردن أثناء جائحة كورونا، بعد انقضاء ما يقرب من ثلاثة أشهر على ظهور الجائحة، وقد قاربت دورة الأوبئة من وصولها إلى فترة الخمول الطبيعي للفيروس.
فعمر دورة الأوبئة الطبيعية وفقاً لاستقراء تاريخ الأوبئة في العالم، ومن وجهة نظر طبية تكون حياة الفيروس ما بين 3-6 شهور، أي منذ تاريخ ظهوره بشكل رسمي وحتى فترة اضمحلاله أو انحساره وخموله، وإذا عرفنا أنه بدأ منذ 17 آذار (مارس) الماضي، فإن دورة حياة الفيروس الطبيعية قاربت على الانتهاء، وبهذا يكون الفيروس قد قارب إلى دخول مرحلة الخمول والاضمحلال مع منتصف شهر حزيران (يونيو) القادم؛ ومع ذلك وبفضل الله لم تصل عدد الإصابات المسجلة لدينا طيلة هذه الفترة إصابة (730)، منها (507) حالة شفاء؛ عدد الإصابات هذا قد ينتشر في ساعة في بعض الدول المجاورة، وأضعافه في دول مثل إسبانيا وإيطاليا.
بذلنا معاً جهداً كبيراً للقيام بهذا العمل، ولكن في نهاية الأمر كانت النتيجة لا تليق بالجهد المبذول، ولا ترتقي إلى المستوى المأمول، كمن أفطر بعد صومه بصلاً، وترك أطايب الطعام من تمر ولحم وشحم.
إقرأ أيضاً: علي القضاة يكتب: ومضات كورونية (1).. انتهى الدرس يا غبي
* أستاذ مشارك في الصحافة والنشر الإلكتروني