أوس حسين الرواشدة
يقول علماء الاجتماع أن العالم بعد انتهاء أزمة كورونا سيتجه ليكون اكثر اجتماعاً وتعاوناً ، أو اكثر وحدانيةً وتفرقاً وطمعا ، ويقول علماء الاقتصاد أن العالم المادي الذي نعيش فيه ، سيُسأل يوماً ما عن عدم تقديم الكمامات واجهزة التنفس بشكل غير ربحي لسكانه ، وترك كبار السن " غير المنتجين" ليلقوا حتفهم ، ويقول راسخون في العلم ، أن العلم سيأخذ موقعا استراتيجيا جديدا بعد كورونا ليكون رقم واحد ، متفوقا بذلك على تجارة النفط والصناعات الثقيلة .
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، قُسّم العالم إلى جزئين ، جزء شرقي بقيادة الاتحاد السوڤيتي والصين ، وجزء غربي بقيادة أمريكا والدول الاوربية العظمى ، وبعد انهيار الاتحاد السوڤيتي ، استطاع الجزء الغربي احتلال العالم سياسيا واقتصاديا ، لتشكل خمسة دول وهم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وجه العالم الجديد ، بترك جزء يسير منه إلى الصين وروسيا .
أمّا العالم الشرقي ، وبعد اتخاذ الاجراءات الصارمة ضد الجائحة ، حاول تحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية ، حيث الصين التي تعدّ اليوم " منجم العالم للمستلزمات الصحية " بامكانيتها الصناعية الضخمة ، وروسيا التي تقدم مساعدات صحية لإيطاليا ، ما يزيد حجم الاتهامات ضدها بأنها الداعم الخفي لحركة اليمين في اوروبا .
إنَّ انشغال الدول العظمى في العالم بمواجهة كورونا وحماية مصالحها ، دليل على أن المنظمات العالمية كمجلس الامن ومنظمة الصحية العالمية التي لم يتجاوز دورها عن تقديم النصائح والارشادات العامة ، ما هي إِلَّا مجرد " قناع لطيف " يحاول اقناع العالم ، بأنّهم يوحدونه تحت سقف واحد .
سينتهي الوباء كما انتهى غيره ، لكن سيشكل هذا الانتهاء توجها جديدا ، ربما في المجال الاقتصادي او السياسي او الثقافي او الديني، لا نستطيع أن نحكم بعد ، وسيكون هذا التوجه بقيادة لا نعرفها حتى الآن ، علينا المراقبة عن كثب وأخذ العِبَر .