مدار الساعة - فرضت جائحة كورونا معطيات جديدة لعملية ادارة المورد البشري بشكل قد يرفع من نسب البطالة نتيجة الركود في عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمية، الامر الذي يرجح بتسريح اعداد كبيرة من العاملين في الخارج جراء التعطل الذي فرضته الجائحة على الاقتصاد العالمي.
وبحسب يومية الراي طالب بخبراء في مجال الادارة العامة الحكومة بضرورة اللجوء الى سياسات ابتكارية تحفز الاقتصاد الوطني وتعمل على دمج المؤسسات والهيئات الرسمية كي تتمكن من ردم الهوة الاقتصادية وتحد من اتساع رقعة البطالة نتيجة تراكم المديونية وايقاف التعيينات.
يقسم الامين العام لمعهد الادارة العامة السابق الدكتور عبدالله القضاة الموارد البشرية الاردنية الى قسمين الاول العاملين في الخارج اذ قدر عددهم بما يقارب 800 الف اردني، أكثر من نصفهم في السعودية ، اذ سمحت الوزارات المعنية في معظم دول الخليج للقطاع الخاص ان يخفض الرواتب بنسبة 40% وان يمنح اجازات دون راتب لمدة ستة اشهر ، وايقاف عمليات التحويلات المالية للعاملين في دول الخليج.
ورجح القضاة بان الكثير من العاملين الاردنيين سيغادرون في ظل اجراءات توطين الوظائف التي بدأت منذ سنوات في دول الخليج، اذ ستبقى الفرصة مهيأة للوظائف المؤثرة والاختصاصات التي يصعب توفير بديل لها بعد أزمة كورونا وتعطيل الكثير من القطاعات الحيوية.
وقال القضاة بان الوضع القادم سيكون "مؤلما"، اذ من المتوقع ان تنخفض رواتب العاملين في الخارج بنسبة النصف الامر الذي يقود بهم للعودة الى المملكة ، مشددا بضرورة تدخل وزارة العمل لحفظ حقوق المغتربين.
وعلى اثر ذلك توقع تزايد البطالة باعداد كبيره لاحتماية عودة ما لايقل عن 30% من الاردنيين العاملين في الخارج وهذا يعني تراجع تحويلات المغتربين الى النصف تقريبا، الامر الذي سيضاعف حجم البطالة الموجودة اصلا في الاردن قبل الجائحة والمرشحة للارتفاع بنسبة لاتقل عن 15% عن النسبة السابقة.
واشار القضاة الى السياسات الداخلية بان الحكومة امام تحدي اقتصادي ، فأزمة كورونا ستفرض على ترشيق القطاع العام الذي يعاني من التضخم، فهو يتألف من ما يقارب (130) دائرة حكومية كوزاره، دائره، مؤسسة، هيئة، سلطة، صندوق، مجلس يأخذ صفة المؤسسة، ومجلس لا يأخذ صفة المؤسسة، شركة مملوكة.
وبين ان العاملين في القطاع العام يصل عددهم الى (206) الآف موظف على نظام الخدمة المدنية، و(174) الف موظف وموظفة يعملون في المؤسسات غير المشمولة بنظام الخدمة المدنية.
وطالب القضاة الحكومة بتخفيض ودمج مؤسسات وهيئات الدولة واحالة كل من استوفي شروط استحقاق التقاعد المدني او المبكر او الاستيداع للتقاعد، ويمكن الابقاء على الكفاءات النوعية والنادرة التي لا تتجاوز 1% من حجم العاملين في القطاع العام.
واوضح القضاة بانه لايمكن للدولة ان تنجح في الإستجابة للأزمة من غير اللجوء لسياسات ابتكارية تتعلق بدعم التشغيل والمشاريع الصغيرة وتقديم التسهيلات اللازمة مثل الاعفاءات الضريبية لمدة لا تقل عن (5) سنوات للمشاريع الفردية والصغيرة وتخفيف شروط الترخيص والاستثمار خاصة خارج العاصمة.
اضافة الى تخفيض كلف الانتاج كالإعفاءات الجمركية لبعض المدخلات وأثمان المياه والكهرباء ودعم الإستثمار الزراعي بكافة الوسائل الممكنة اضافة الى التوسع بالتعليم المهني والتقني وتقديم حوافز ملائمة لتخفيض الاقبال على الوظيفة العامة التي قد لاتتوفر على مدار عامين الا للتخصصات ذات الطلب العالي والنوعية.
وتابع القضاة كي يتحقق ذلك فلابد للحكومة من الدخول بشراكة حقيقية مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتعزيز ثقافة الاعتماد على الذات وغرس مفاهيم الانتاج والعمل المهني والحرفي وتعزيز هذا السلوك كقيمة مجتمعية والحد من أهمية الوظيفة العامة كون التشغيل هو الأهم والأداة الحقيقية للخروج من الفقر والبطالة، ولاننسى دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية بتعزيز هذه القيم على المدى المتوسط والقصير .
من جانبة قال المستشار الاسبق في رئاسة الوزراء الدكتور هيثم حجازي انه لا يوجد ما يستدعي القلق حيال زيادة نسب البطالة وارتفاعها في المؤسسات الرسمية والخاصة، وذلك بسبب ادراك الدولة لمضار التعطل الذي فرضته الجائحة على الاقتصاد المحلي والعالمي وادارت عجلة التنمية من خلال تشغيل القطاعات الاقتصادية المختلفة وبشكل تدريجي آمن.
واضاف حجازي في حديث الى "الرأي" ان غالبية القطاعات تعتمد في اعمالها على العنصر البشري والذي لا يمكن الاستغناء عنه مشيرا الى تركيبة الشعب الاردني الذي تتملكه العاطفة حيال موظفيهم من جانب ومن جهة اخرى استنفاذ وقت كبير في تدريبهم وتأهيلهم الامر يفرض عليهم الحفاظ عليهم واستبعاد فكرة التسريح.
واكد حجازي انه من المتوقع ان يواصل ديوان الخدمة المدنية عمله ضمن مدة مستقبلية قريبة لاتاحة المجال امام التعيين في الوظائف الحكومية والرسمية، نظرا للنقص في اعداد الموظفين في المراكز القيادية لاحالتهم على التقاعد.
في الاطار اجرى المرصد العمالي الأردني دراسة تقييمية للوقوف على درجة تأثر القطاعات الاقتصادية المختلفة اثر جائحة كورونا، بهدف تحديد القطاعات الاقتصادية الفرعية التي تضررت أو استفادت.
وأوصى التقرير الذي أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات في الأول من أيار العام الحالي - بضرورة تقديم دعم مالي مباشر لمنشآت الأعمال الخاصة التي تضررت من الأزمة باشتراط دفع أجور العاملين لديها بشكل منتظم وكامل خلال الأشهر القليلة القادمة تبعا لتوقعات تأثير الأزمة.
اذ توقع التقرير أن يخسر الأردن جراء الأزمة "ما يقارب 140 ألف وظيفة من العاملين في الاقتصاد المنظم، بنسبة 10.5 بالمئة من الوظائف المنظمة الموجودة في الأردن، والتي تقدر بحوالي 1.35 مليون عامل وعاملة تقريبا بمختلف الوظائف في القطاعين العام والخاص".
وتوقع التقرير أن "تتراجع سبل كسب العيش لما يقارب 900 ألف عامل وعاملة في الأردن من العمالة غير المنظمة من أصل 1.25 مجمل القوى العاملة غير المنظمة في الأردن جراء هذه الأزمة".
جاءت توقعات المرصد العمالي "استنادا الى التوقعات العامة لمنظمة العمل الدولية" التي أصدرتها بهذا الخصوص قبل أيام.
وكانت منظمة العمل الدولية قد توقع أن يخسر العالم ما يقارب 10.5 بالمئة من الوظائف المنظمة الموجودة في العالم، بواقع (305) مليون وظيفة، أن ما يقارب ثلاثة أرباع القوى العاملة غير المنظمة سوف تخسر جانبا من مصادر رزقها، بواقع 1.6 مليار وظيفة من أصل ملياري وظيفة غير منظمة.
وأشار التقرير الى مستويات الأجور في الأردن سوف تتراجع بشكل ملموس، بسبب حالة التراجع الاقتصادي الملموس من جهة، وبسبب سماح الحكومة لمؤسسات القطاع الخاص بتخفيض أجور العاملين فيها، الذين يعملون بكامل طاقتهم بنسبة تصل الى 30 بالمئة من أجورهم، الأمر الذي سيؤدي وفق التقرير الى زيادة أعداد العمالة الفقيرة.
وأوضح التقرير أن الأزمة أثبتت أن "هنالك قصورا في منظومة الحماية الاجتماعية للعاملين في الأردن، اذ أن ما يقارب نصف القوى العاملة غير محميين بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية".
وحذر التقرير من أن هنالك توقعات تشير الى أنه سيتم الاستغناء عن أعداد كبيرة من الاردنيين العاملين في دول الخليج العربي، جراء الأزمة المزدوجة التي تضرب اقتصادات هذه الدول، حيث تشير توقعات مؤكدة أن اقتصاداتها ستواجه حالة ركود اقتصادي عميق خلال الفترة الزمنية القادمة بسبب تداعيات انتشار كورونا ، والانخفاض الكبير جدا في أسعار النفط، وبالتالي تراجع إيرادات هذه الدول بشكل كبير، مما سيخلق تحديا إضافيا للاقتصاد الأردني وسيؤدي الى زيادة معدلات البطالة بشكل كبير.
الراي