بقلم: سُلطان عبدالكريم الخلايلة
بَنى الأردنيون مؤسّساتهم بكثيرٍ من الصبر والتضحية، لتكون عِماد الدولة في الشِّدة والرخاء، مؤسسات تقلَّب في إدارتها وإشغالها أشخاص تفاوت أداؤهم ورضى الشعب عنهم، بين خالد في سجلِّ رجالات الوطن العِظَام، وبين منبوذ سيء الذكر، لكن الثابت بين هذا وذاك هو "سُمو المؤسّسة" وشموخها، فهناك فرق جوهري بين رئيس حكومة ومؤسسة رئاسة الوزراء، كما أن هناك فرق بين نائب ومؤسسة مجلس النواب، يرتفع أداء النواب أو تسقط الثقة بهم هذا أمر، ومكانة مجلس النواب في وجداننا كمؤسسة دولة أمرٌ آخر.
مع تاريخِ العاشر من أيار وإعلان الملك فضّ الدورة العادية لمجلس الأمة، كَثُر الحديث عن الخيارات القادمة في ظل ظروف جائحة كورونا وازدياد النقد للنواب وأدائهم عموماً، والذي لم يرتقِ لمستوى التحديات الجِسام لهذه المرحلة، فقد سجّل المواطن تراكماً للقُصور والخلل النيابي وهو يشاهد تصرفات بعض النواب بخرق الحظر وعدم التحلي بالمسؤولية، وتشكيل عبء على نظام الأمن الاجتماعي والصحي، لاسيما وأن الأدوار المُنتظَرَة من هذه الفِئة كبيرة، على اعتبار أنهم يمثّلون الشعب، ويجب أن يتحلوا بأخلاق القدوة، علاوة على الغياب الكامل لدور المجلس التشريعي والرقابي، وحتى في مهمة " الضبط والوعي " المجتمعي، فَشِل النواب في أن يكونوا ضمن "الجيش الأبيض" في هذا الظرف، فكانوا ضمن من "يزيد الطين بلّة"، مما رفع وتيرة الغضب الشعبي تجاههم.
لا سيما اذا ما اطلعنا على استبانات واستطلاعات وحتى مؤشرات مواقع التواصل الاجتماعي، نجد الأغلبية غير راضية وتتمنى عدم التمديد و رحيل المجلس الحالي، وهذا يواجه تحدي تحديد موعد للانتخاب في ظل الأزمة ومآلاتها غير المُتنبأ بها.
لكن، رغُم الظروف، يُعتبر رحيل المجلس أفضل من بقائه شكلياً مهما كانت وطأة الظروف وإن هذا محكوم بالأمر الدستوري، كما أنه أمر فوق مزاجنا الشعبي الذي نتجاوزه في سبيل "المؤسّسة" والدستور كثوابت في هذا البلد.
آملين أن نخرج من هذا الظرف بدرسٍ في أهمية سلوكنا الانتخابي لإعمار مؤسسة كمؤسّسة مجلس النواب بمن هم كفؤين، خاصة وقت الشدائد، لأنّ لذلك ارتباط كبير بمستقبلنا وحياتنا ووجودنا، ولعل واقع هذا المجلس الأليم يدفع المواطن للتحلي بالوعي عند منح الصوت الانتخابي، فقد آن الأوان مع بدء مسيرة المئوية الثانية للدولة الأردنية أن تصبح مؤسساتنا معمورة بمن هم أهل للمسؤولية تجاه الوطن والأجيال ليصنعوا مائة عام أُخرى مُكلّلة بالفخر والعطاء.