بقلم الدكتور محمد نعمان
وفي هذا المضمار فإن إسرائيل بعد أن أخذت الضوء الأخضر الأمريكي بدأت تسابق الزمن للإستفادة من هذا الإعلان من أجل إستكمال مشروعها في مأسسة نظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) الكولونيالي الإحلالي في كل فلسطين التاريخية.
فحكومة الوحدة القومية التي سيتم تشكيلها، بقيادة بنيامين نتنياهو وبني غانتس، ستعمل في بداية تموز القادم، على ضم أجزاءٍ واسعة من الضفة الغربية حيث سيتم ضم ما يقارب 50%من المناطق "س" أي ما يوازي 30% من أراضي الضفة الغربية بصورة رسمية،وسيؤدي هذا التوسع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني إلى سَجن الأغلبية الفلسطينية، بدون أي حقوق مدنية وقومية، في عشرات الكانتونات المعدمة والمتقطعة من أراضي الضفة الغربية.
وكل ذلك يؤكد للمرة الألف أن التحالف الصهيوني الأمريكي ليس معاديا لحل الدولتين فقط، بل هو مُعادٍ لأيّ شكل من أشكال حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، في وطنه.
وبجردة حساب سريعة "تحتاج لاحقا للتفصيل"سمحنا لأنفسنا عربا وفلسطينيين تحت عنوان"الواقعية"و"الضرورات"و"التكتيك" بالذهاب لحل الدولتين :إحداهما صهيونية عنصرية إحلالية إحتلالية على 78%من الأرض الفلسطينية وعينها على المزيد والأخرى تقام على 22% من الأرض الفلسطينية تمثل مجموعة من الكانتونات والبنتوستانات، بل بالأحرى تمثل سجنين كبيرين الأول في الضفة والثاني في غزة،يتكدس بهما السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين، دون أية حقوق كتلك التي كفلتها لهم الشرعية الدولية من حرية وعودة ومساواة واستقلال.
هذا الصراع ليس صراعا بين قوتين متساويتين أو جانبين متقاتلين لديهما قوة شبه متكافئة،بل هو صراع مع مشروع استعماري إحتلالي أحادي الجانب، بين جهة تملك كل شيء واخرى لا تملك غير أرادتها الحرة ،ومن هذه النظرية علينا الانطلاق بأن إسرائيل تمثل نظام كولونيالي وفصل عنصري وليست قوة احتلال بل إستعمار إستيطاني سافر ومكشوف.
والحقيقة أن فلسطين اليوم دولة واحدة فعلا ،دولة ابارتهيد وفصل عنصري وينطبق عليها حرفيا التعريف القانوني للأبارتهيد ونظام الاحتلال العسكري .
وبالتالي يرى الكثيرين وانا منهم أن هنالك حلا واحدا، حلا عادلا وممكنا، يتمثل بتفكيك نظام الأبارتهايد القائم، واستبداله بدولة ديمقراطية واحدة، يتساوى فيها جميع المواطنين، بما فيهم اللاجئون الفلسطينيون العائدون ويضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني بمكوناته الثلاث (الداخل المحتل ،والضفة والقطاع ،والشتات الفلسطيني) بعكس حل الدولتين الذي يعمل على تمثيل مكون واحد من مكونات الشعب الفلسطيني.
والحقيقة أن أحد الفوارق الجوهرية بين حل الدولتين وحل الدولة الواحدة هو ان الأول يعتبر أن الصراع في جوهره بين قوميتين لهما ضمنا حقوق تاريخية وقومية متساوية مع إرتباط ذلك بالارض،في حين أن حل الدولة الواحدة يتعامل مع البعد العرقي في إطار استعمار إستيطاني وبالتالي يشمل المساواة والعودة كحقوق أصيلة للسكان الأصليين والذي يتعارض مع حل الدولة ثنائية القومية.
إن حل الدولة الديمقراطية على كامل فلسطين التاريخية يقوم على أساس تصحيح الأخطاء والجرائم الأسرائيلية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة في عام 1948 وحتى تاريخة،وأبرزها تفعيل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي شردوا منها وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار،وإعادة الإعتبار لجميع الدول والشعوب العربية من خلال إعادة جميع الأراضي العربية التي تم احتلالها من قبل إسرائيل منذ عام 1948.
إن حل الدولة الديمقراطية الواحدة هو حل إنساني يتطابق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع الشرعية الدولية وهو حل مطبق في كل الديمقراطيات الليبرالية الغربية ،وهو حل يتخطى سياسات الهوية السائدة ،وهو حل أخلاقي وبراغماتي في الوقت نفسه يقوم على أساس القيم التي تأسست عليها المنظومة الدولية الحديثة : منظومة الديمقراطية وحقوق الإنسان بغض النظر عن الدين والعرق والجنس.
المتبنون لهذا الطرح "الدولة الديمقراطية الواحدة" يتحضرون بمناسبة ذكرى النكبة التي تصادف يوم 15 أيارللأعلان من حيفا عن حملة عالمية موجهة لكل النشطاء والمهتمين وأصحاب الرأي ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب العربية والدولية تتضمن الحديث عن أبرز النقاط التي تم الإتفاق عليها كأرضية للحوار الجمعي :
لقد آن الأوان للتحرر من الأوهام القاتلة، ومن النهج الانتظاري، ومن التعويل على حدوث تغيّر في أخلاقيات التحالف الصهيوني الامبريالي، والإنطلاق إلى الفعل الحقيقي، وإلى الحراك الشامل ،أولا على مستوى الشعب الفلسطيني، وثانيا على مستوى المجتمع المدني العالمي والعربي. كوننا ننطلق من قاعدة تتمثل بوحدة الشعب الفلسطيني، وعدالة قضيته، وبخطاب أخلاقي تحرري وانساني، يكشف الخطاب الصهيوني العنصري الإحلالي، ويحشد الرأي العالمي لصالح العدالة في فلسطين.