بقلم سلطان عبد الكريم الخلايلة
رَسمَ الدستور الأردني صلاحيَّات وأدوار السُلطة التشريعية في البلاد، لا سيما مجلس النواب، حيثُ تَنَاولت العديد من المواد الدستورية ملامح تشكيل مجلس النُواب ومُدّة انعقاده وغيرها من الأحكام والشروط التي تتعلق بالعضوية وتنظيم اختصاصاته.
وبمُراجعةٍ عامّة للمواد المتعلقة بمُدّة مجلس النواب؛ نجد أن المادة (68) من الدستور حددتها بأربعِ سنواتٍ شمسية، تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية؛ وللملك أن يمدّد مُدّة المجلس بإرادة ملكية لمدة لا تقل عن سنةٍ واحدة ولا تزيد عن السنتين.
اليوم، ومع اقتراب انتهاء الدورة العادية لمجلس النواب الثامن عشر، تتبادرُ لدينا العديد من الأسئلة حول الخيارات القادمة لمجلس النواب، ولا يغيب عن أذهاننا ما نَمُر به من واقع محلي ودولي في ظل الجائحة العالمية (كورونا)، حيث تعطّلت بسبب هذه الجائحة العديد من مسارات الحياة السياسية وفي مقدمتها وقف انعقاد جلسات مجلس النواب بسبب الاجراءات الحكومية لمواجهة (كورونا)، وبِقُرب انتهاء الدورة العادية للمجلس تتقدم العديد من التساؤلات المجتمعية والنخب الوطنية عن مصير المجلس خصوصاً مع إعلان جلالة الملك حفظه الله ورعاه أثناء اللقاء الذي تواجد به رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات بأن الانتخابات النيابية سوف تكون صيف هذا العام.
واليوم ، عادت التَكَهُّنات حول مصير مجلس النواب وتبلورت نحوه وجهتيّ نَظر ترتبطان بالخيارات القادمة ومستقبل المجلس كالتالي:
أولاً، خيار التمديد للمجلس:
(ويُعزى هذا الطرح الى أمرين )
الأول: انقاذ التقليد الدستوري والديمقراطي بالإضافة إلى وجود عدد من القوانين يتوجب إقرارها.
والثاني: عدم إجراء انتخابات هذا الصيف بسبب جائحة "كورونا" وما بعد أزمتها، وهذا يجعل بقاء المجلس دون حل خيار جديد للدولة مطروح وبقوة لحين السيطرة التامة واستعادة الحياة لطبيعتها بشكل متكامل تحت شعار (عدم الدخول في فراغ نيابي على الأقل شكلياً)، ويدعم هذا الخيار الصلاحيات الممنوحة للملك والتي تسمح لجلالته بتمديد مدة المجلس.
أمَّا في حال تم الخروج من الاطار الدستوري للحديث عن المزاج الشعبي، فإن شعبية المجلس مُتراجعة ويظهر ذلك جليّاً من مساحة النقد الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي واستطلاعات الرأي العام المنبثقة عن العديد من المؤسسات البحثية الوطنية، كما وقد أظهر تقرير راصد الأخير تراجع أداء المجلس في استخدام أدواته الرقابية على الحكومة التي تتمثل بالاستجوابات والأسئلة والمداخلات، إضافةً إلى ضعف عمل اللجان وغياب العديد من النواب عن الجلسات النيابية.
كما يجب ألا يغيب عن البال أن الدورة الأخيرة باتت مساحة لإبراز قوة كل نائب، خاصةً من يريد الترشّح للإنتخابات القادمة، مما اعتبره كثيرون نوعاً من الاستعراض الإعلامي لكسب ود وثقة الناخب مستقبلاً.
وبمُتابعة رُدود الشارع الأردني على التصريح الملكي باجراء الانتخابات هذا الصيف وحسمه للأمر، يُلاحظ مدى رغبتهم برحيل هذا المجلس، وما عزّز هذا التوجه الشعبي هو غياب دور المجلس الحقيقي الفاعل في الأزمة الراهنة، لا بل أن دوره كان سلبياً بالنظر إلى ممارسات بعض النواب وغياب بعضهم الآخر، حتى أن محاولات إقامة جلسات بالشكل الإلكتروني باءت بالفشل بامتياز، نظراً لغياب وعدم اكتراث مُعظم أعضاء المجلس.
عموماً، تتعدد الطروحات بشأن المشهد القادم سياسياً، خاصةً مع تَصدُّر الاقتصاد لكل شيء تقريباً، ولا يَخفى على أحد متطلبات العملية الانتخابية وتكلفتها الاجمالية على اقتصاد الدولة، وما يُلازم ذلك من إجراءٍ دستوري يتطلب استقالة الحكومة التي تحلّ مجلس النواب، وبالتالي يبقى مصير مجلس النواب مرهوناً بقرار استراتيجي للدولة محكوماً بواقع اقتصادي واجتماعي يتطلب قبل اتخاذه مراجعة وتقييمات عميقة للحالة الوطنية بأبعادها كافة.
اليوم وبرغم كل ذلك علينا أن ندرك اننا حققنا انتصار صحيا وتجربة حقيقية بمقدرتنا على صياغة تجربة صحية بابعاد اجتماعية واقتصادية باتت مضرب مثل.
الانتخابات اليوم هي عنوان مرتبط بالوضع الصحي فهو ما يحدد اي السيناريوهات أقرب، فسلامة الوطن وتعافي ابناء شعبنا هو الأولوية في دولة الإنسان التي تعتز بمليك استطاع التأسيس لمرحلة مقبلة مرحلة مختلفة يشهد بها الأردن نهضة شاملة وحقيقية
كلها خير وثقة بإذن الله.
فالاردن سيتعافى وسينتخب وسيخرج من هذه الأزمة قويا قادرا
بعد تعافي يطال جميع القطاعات وننطلق نحو بدايات جديدة تعكس الطموح الشعبي والرؤية الملكية
متطلعا لمئوية ثانية تحقق منجزا تجذر في المئوية الأولى وأثبت شرعيته ومشروعيته.